30/12/2011

Sur le banc de l'école


D
ans mon collège, le soleil a brillé
Dans mon cartable, le savoir a fleuri
Dans mon livre, mon esprit s'est élargi
Dans mon cahier, les lettres sont nées
Dans ma tête, les idées ont poussé
Dans ma classe, les murs se sont effondrées

Said Mellouki

© Yamal

28/12/2011

الجسر ذاكرتي

Oued Cherraa واد شراعة

هبت رياح دمي بالشوق تندفع  ¤  والقلب حرقته بالنار تندلع
أبكاني الجسر هذا الحبيب غدا ¤  دكا بوادينا حالي به جزع
أما الجسور بدنيانا فوافرة  ¤ هيهات جسري بعد الهدم يرتفع
وهل المحب إذا قلعت وردته  ¤  من تربها غصبا بالسهل تقتلع
بالله كم عبرت أقدام أبكار ¤  للضفة الأخرى للحب تجتمع
إنّي وقفت بوادي شراعة أسفاً لما  ¤ هوى نسفا والعين تطلع
ما ضرهم جسر لوأنهم تركوا  ¤  للواد ذاكرة والأرض متسع
لو أنهم تركوا للكف خاتمها ¤ لازدانت الكف حسنا وتلتمع
حلل من الذكرى تمزقت قطعا ¤  وكيف تلتئم في قلبي القطع
آه كم ناجت أقواسك البيضا  ¤  أعشاش لقلاق للواد منتجع
كل الطيور بكت شهدت جنازته ¤  حتى القبور جثت وانتابها الفزع
أين انحناءته للماء محترما ¤  وكأنه شيخ متبتل ورع
بالأمس كان هنا بركان يحرسها ¤  والواد ينساب من ماه ننتفع
للضفة الأخرى كان يبلغنا  ¤  قد هام بالدفلى فلها به ولع
جسر يذكرني إيقاع مشيخة  ¤  في حلقة جذلى والجمع يستمع
يامعبر الذكرى للعدوتين فما  ¤  تنزاح من خلدي فبئس ما صنعوا

  عبد العزيز أبو شيار


26/12/2011

معلمي




© Yamal


إلى كلّ المعلمين ... مع تقديري

كان يقطع الشارع ببطء
يتوكأ على عصاه
مازال يحتفظ بشاربه الفتيل
و يبتسم في حنان
هذا معلمي
الذي أضاع عمره الجليل
في تهذيبنا
هذا الذي أنار لنا السبيل
هذا الذي استقبلنا زمان
...
يمشي و يذرع الصفوف
كما لو كان فارسا على حصان
يسألنا عن الأسماء و الأفعال
عن ظروف المكان
عن الضمائر
ألا تزال حية ضمائر الناس في هذا الزمان؟
يسألنا عن جداول الحساب
يصرخ في وجوهنا
هل يستقيم جدول بلا برهان؟
يمشي و يذرع الصفوف
و العصا في يديه كأنها صولجان
يقطب حاجبيه
إن أخطأنا آية من القرآن
يمطرنا بوعظ لا ينتهي
بعبر الأولين
و وصايا لقمان
هلك الجاهلون بالطوفان
أبحرت سفينة نوح
و سفينتنا يلزمها بعض الوقت
كي تبحر
يلزمها بعض الألواح
بعض الأقلام
و زوابع في الأذهان
فاستعد لرحلة الألف ميل أيها الربان
انطلق لرحلة الضوء
و احمل كل الصبيان
و ادع الماء
يغيّر مجرى النّهر
سينحسر الطوفان حتما
تتلاشى الجدران
تثمر الأشجار فوق جباهنا
تقصر المسافات
و تعلو رايات العرفان
...
تعلموا يا صغاري
بالعلم يقرأ الكون بلا ترجمان
بالعلم تنفذون من أقطار السموات و الأرض
" و لن تنفذوا إلا بسلطان.."

 بركان ¤ أكتوبر 2011

الحسن رزوقي


Madeleine Ley (1901-1981)

25/12/2011

أمسية انبعاث ثقافي

من اليسار : ياسر فشتالي، أحمد اليعقوبي، عبد العزيز أبو شيار، الحسن رزوقي أحمد بلكَاسم


نظّمت جمعية الانبعاث الثقافي أمسيتها الأدبية الأولى، بمقرها بمدينة بركان، مساء السبت 24 دجنبر 2011، بمشاركة الأدباء : الشاعر الحسن رزوقي، الشاعرالزجّال أحمد اليعقوبي، الشاعرعبد العزيز أبو شيار، القاص أحمد بلكَاسم، و الأستاذ ياسر فشتالي مسيّراً

...

و مدوّنة البستان الشرقي تشكر جمعية الانبعاث الثقافي على دعوتها الكريمة، وعلى بادرتها الثقافية المحمودة، التي تغني الحراك الثقافي في مدينتنا الغالية المحتاجة إلى برنامج ثقافي جادّ و متنوّع على مدار السنة، دون انتظار مناسبة أو مهرجان ما



23/12/2011

حوار الظاهر والباطن


قراءة للمجموعة القصصية : لعنة باخوس

للكاتب : أحمد بلكَاسم

إن متأمل مكونات هذه المجموعة القصصية، يجد نفسه أمام علامات تكشف عن دلالات معينة، خاصة على وجه الغلاف وظهره، فأول ما يثير انتباه القارئ، هو تلك اللوحة التي تمثل صورة طفل في حالة إغفاء، وهو مسند ظهره إلى الحائط، وبجانبه أجزاء جرة مهشمة. فالطفل يمثل الماضي المضمر فنيا، والذي نعود إليه كلما احتجنا ذلك. وهو يختزل صورا مشرقة، وأخرى مؤلمة، ومع ذلك نحس بحلاوتها عند تذكّرها. وهو نفسه ما عبّر عنه المؤلف صراحة، في النص الأول من مجموعته، والذي عنونه ب "الأفعى الصفراء" حيث كشف فيه عن المرجع الذي متح منه نصوصه. وعندما نقول طفلا، فهذا بالضرورة سيحيلنا إلى أنه تلميذ في مرحلة التّمدرس، والجرّة تومئ إلى أن هذا التمدرس يتمّ في العالم القروي، وفي الزمن الماضي، وما يعزز ذلك، الإشارة الواردة في النص الأول والمتمثلة سواء في وصف طريقة اللباس التي يتميز بها المعلم ".. سروال ضيق عند الخصر، فضفاض عند القدمين،حيث تبدو فردتا الحذاء، ذي الزاوية الحادة كجرذين يطلان من خيمتين متجاورتين، تثيران الضحك.." أو بذكره لأشياء كانت تؤثث الماضي، مثل سيارة المدير التي كانت من طراز بوجو 404. وإغفاءة هذا الطفل قد تكون موقفا من العلاقة التي كانت تربط بين الطفل "التلميذ" بالمدرس، " ..حيث كان ينحني من كاد أن يكون رسولا، على الأقدام القذرة، تنظيفا بقضيب الزيتون العتيد.."صفحة 10 قصة الأفعى الصفراء. أو كما ورد في نص الرؤيا، صفحة 25 "..بعد أداء الفريضة، يستقر الجاني في مقعده حافي القدمين كمجرم حرب، طالبا الرحمة من أرضية الفصل الباردة.." وفوق الصورة، وضع العنوان بشكل بارز، وقد كتب بلون خمري ليلائم اسم باخوس إله الخمر عند الرومان.وهو نفسه العنوان الذي تحمله القصة الأخيرة في المجموعة صفحة 25. فلماذا إذن تم اختيار هذا العنوان بالضبط للمجموعة دون غيره من العناوين؟ ربما لأن البطل في القصة المذكورة، يختزل الوضعية المأزومة للمثقف في المجتمع، سواء كطالب أو معلم أو أستاذ أو فنان، والتي عالجها الأستاذ أحمد بلكَاسم في ستة نصوص من المجموعة. ففي قصة هديل، يعاني البطل الطالب الجامعي، من عدم القدرة على تقديم المساعدة إلى امرأة تريد أن تتطهر، كما هو واضح في الصفحة 33 "..اندلقت من عيني دمعتان إحداهما لرحيل الجدة، والأخرى كانت من أجل الحمامة المقصبة الجناح، التي سلبها الغراب مشيتها، وأجهز على هديلها. رأيتها تحثو التراب على وجهها، وتندب حظها وتنعي شبابها الآفل..". وفي نص "رحلة" يقف الطالب كالمتفرج "يراقب النشال وهو يصول ويجوب في الحافلة عفوافي الجيوب " دون أن يقدر على التدخل لردعه. كما عبر عن ذلك في الصفحة 67. وفي نص " أجساد ملغومة " وبعد حديثه عن الموقف، والرجال المقهورين المنتظرين، وطريقة اختيارهم من قبل المشغّل صاحب الشاحنة، ينتقل ليبرز إشكالية التناقض بين النظرية والتطبيق في التعليم، من خلال تعاطي المفتش للتدخين، وحضوره درسا حول أضرار التدخين عند زيارته لأحد المعلمين، وهو السارد طبعا في هذه القصة.

أما في نص الإشعار، فإن المعلم ظل ينتظر الذي يأتي ولا يأتي من جاره، رابح المهاجر إلى أوروبا. فرغم أنه يمثل ولي نعمته، إذ كان السبب في تمكنه من الهجرة بشكل غير شرعي من خلال قرضه المال اللازم للقيام بالمغامرة ورغم أنه وعده قائلا: ".. غادي ندور معاك تدويرة ما ديراش" فإنه لم يف بوعده. وبقي المعلم يراقب طَوال الوقت صندوق البريد عساه يتوصل بحوالة من رابح.

وإذا كانت " لعنة باخوس" قد أعلنت عن موت الأستاذ معنويا، من خلال الوضع الاجتماعي الذي انحدر إليه، حيث فشل في تكوين أسرة ناجحة،وانغمس في معاقرة الخمر رفقة شخص: " .. يعرف كيف تكسب الهمزة، ولا يعرف كيف تكتب الهمزة.." كما عبر السارد عن ذلك في الصفحة 77. فإن لعنة التعيين في منطقة جبلية نائية قد قتلت المعلم ماديا، حيث مات بعد خيبة أمله في الأوطوسطوب، عساه يجد سيارة أو شاحنة دواب تقله إلى وجهته.

كما نلاحظ في نص " أوطوسطوب" وقد تعمد الكاتب وضع المقطع الدال على موت المعلم في ظهر الغلاف، ليبين عمق المأساة التي يعيشها رجل التعليم في القرى النائية والمد اشر، وبنوع من السخرية السوداء يشير إلى أن محاسبة المعلم تتم سواء وهو حي أو مي، من خلال إدراجه لزيارة مدير المؤسسة للقسم، حيث وضع في محفظ المعلم ورقتان: ".. الأولى تحمل في طيها استفسارا عن تغيب بدون مبرر قانوني، أما الثانية فكانت عبارة عن إشعار بانقطاع عن العمل.." قصة أوطوسطوب الصفحة19.

وتزداد ذروة المأساةلدى المثقف الفنان الذي حاول أن يجعل من ريشته وسيلة لكسب قوت يومه، ولمعالجة أمراضه، لكنه يصطدم بواقع لا يقدر قيمة الفن، كما ورد على لسان إحدى المخمورات في حانة من الحانات، "..ماذا كان يريد ذلك المعتوه بتلك الخربشات؟ قال إنه فنانا، كان حريا به أن يقول إنه شحاذ.." قصة اليتيمة الصفحة 37.

ويموت الفنان من شدة الكمد والبؤس. وبموته تكسر الريشة تحت أنقاض الكوخ الذي هدمته السلطة، وكأن السلطة تنتظر الفرصة لتدمير كل ماهو فني أو ثقافي.

إن القاص أحمد بلكَاسم، استطاع أن يقدم نماذج من الإنسان المثقف، وقد نجح في عرض ملامحها، وفي التعبير الدقيق عن إحساسها، وهي تواجه عالما لا يعترف بها، ولا بالقيم التي تحملها، فالسمسار يهزأ بالأستاذ قائلا: "..لغة الكتب اللي ما عطاتك والو.." الصفحة 84 قصة لعنة باخوس. والشيخ بنوع من الشفقة يقول للطالب: "..ماذا ستعطيك كل كتب العالم مجتمعة، عدا ضعف البصر، والنظر إلى الدنيا من وراء زجاج سميك.." الصفحة70 قصة الرحلة.

ورغم بعض الاختلاف الذي يطبع النصوص القصصية، فإنها تلتقي سواء في المكان الذي تجري فيه الأحداث، أوصفة الشخصيات المقدمة، تلميذ، أستاذ، معلم، طالب... فقصة " هدى والذئب" مثلا تبدو بعيدة عن القصص الأخرى من حيث الموضوع، أو من حيث الرسالة التي يريد أن يوصلها إلى المتلقي، إذ حاول من خلالها أن يبرز بشاعة الشر، وقتل براءة الطفولة، وهو حدث واقعي عالجه القاص بشكل فني، ويبدو الخيط الرابط بين هذا النص والنصوص الأخرى، بالتركيز على كون هدى تلميذة: "..تركت محفظتها فوق مكتبها يتيمة، تشتاق لدفئها المعهود.." الصفحة74.

ومع أنني لم أكن أعرف مهنة القاص أحمد بلكَاسم، فبعد قراءة مجموعته، أدركت أنني أقرأ لرجل تعليم، حيث لا تخلو قصة من قصص المجموعة، من كلام، أو إشارة، أو وصف يتعلق بالتعليم، ولن يتكلم أحد، أو يحكي، أو يصف بهذه الدقة عن التعليم، إلا رجلا خبره وعرفه وذاق مرارته، ونتمنى أن يتحفنا في نصوصه المقبلة بشخصيات جديدة ومتفردة و فضاءات بألوان قزح.

وإذا كان محرر المحضر في قصة " لعنة باخوس" قال للأستاذ: "..اِحذر لعنة باخوس" فأنا أقول للقاص أحمد بلكاسم، تمتع وأمتع بلعنة السرد، فبركان في حاجة إلى من يحكيها ويحكي لها، وفي حاجة إلى سفراء يحولون شجرة الليمون إلى نص سردي.

الأستاذ : حسن المزوني





19/12/2011

خطفوا رزقي




خرج شاب شاحب اللون هزيلا....من منزل قديم في حي عتيق تسكنه الأشباح والأوهام والأحلام الزائفة...فنشأ يمشي مشية الحلزون الذاهل... لا يعرف أي مسلك يسلكه، و لا أي درب هو أجدى للمرور منه ... إنه يمشي ... يمشي... يمشي فقط ... إلى أين؟ لا أحد يدري.

بعد مروره بأزقة وشوارع ثقيلة بالمآسي المختلفة...طفق يتصفح وجوه الغادين والرائحين إلى المدارس والكليات والمعاهد ... وهو يقول :

- مساكين ... مساكين لا يزالون عبيد الأوهام وأسرى المطامح غير المقبولة ... ويحهم   لا يدرون أن موعدهم مع الدروب الخاوية وليس مع الوظائف العالية...

انزوى الشاب بعد أن اشتد به التعب في ركن من أركان الدروب الضيقة، وفي نفسه كآبة تختلف عن كآبة الآخرين، فإذا به يسمع صوتا يقول له :

- أنت حزين ... يا أخ ... هل آلمك أحد؟
- الحياة نفسها ... آه ... الحياة نفسها...
- ما بك؟
- الأفضل ألا تعرف حقيقة تعاستي...أرجوك اتركني وشأني.
- شأنك هو شأني....البطالة...البطالة ...البطالة...أليس كذلك.
- كيف عرفت؟
- كل قسماتك تنطق بها...
صمت الشاب بعض الثواني، واصفر وجهه الهزيل، وعض على شفته السفلى، وقد بكى اليأس من عينيه، فقال:

- لقد بعلت بحملها حتى أنني لم أعد أعرف حيلة في الفرار منها...إني مثل الطير المقصوص الجناح....

- عليك بالصبر، لقد غرسها أجدادنا، وسقاها آباؤنا حتى أينعت .. فخفض من حزنك.
 تنهد الشاب بمرارة ثم نطق قائلا:

- أعلم ... أعلم، وهذا ما يقتلني ... لكنني مللت هذا التشرذم الذي نعيشه، وهذا الواقع الميسوم بالانتكاس، والقمع والاستغلال ... لقد خطفوا رزقي، ورزقك وأرزاق بني الغبراء... رأيت...نعم ... رأيت رجال مالة يتلقفون كل نفيس ومنفس ينزل إلى البسيطة، وحينما يحتشد المحاويج أمام بيت المال، يقول لهم القهرمان قبل أن يتحدثوا بناطق أو صامت، لا يوجد في الزندوقة غرش ولا قرش.

لم يترك الشاب لصاحب الصوت شيئا من الكلام ينطقه ما عدا كلمة: ابتسم، وعبارة:" ومن لا يبتسم في قلب أحزانه يكون فريسة للأحزان".

ارتسمت على شفتي الشاب ابتسامة هادئة بعد سماعه لتلك العبارة، كما أطلت من عينيه دمعة حائرة، ثم وقف بسكون ونشأ يمشي من جديد.

 فاطمة الزهراء بنبراهيم

18/12/2011

صلوات للفضيلة وضوؤها دمي

صلوات للفضيلة وضوؤها دمي

ديوان : محمد ماني

لوحة الغلاف : لطفي اليعقوبي

طبع : شركة الأنوار المغاربية ¤ وجدة

الطبعة الأولى 2011

الشاعر محمد ماني موقّعاً ديوانه الثاني
© Yamal

ملصق حفل التوقيع

من اليسار : بوحجر، أبو شيار، الدخيسي، ماني

من الحضور


لقطات من حفل توقيع ديوان: صلوات للفضيلة وضوؤها دمي، للشاعر : محمد ماني، الذي نظمته نيابة وزارة التربية الوطنية ببركان ، بشراكة مع جمعية أبركان للثقافة و التراث، بثانوية الليمون التأهيلية ، مساء الجمعة 16 دجنبر 2011 ، بمشاركة الأساتذة : عبد السلام بوحجر و عبد العزيز أبو شيار و محمد الدخيسي مسيّراً


فهنيئاً للأخ ماني بإصداره الشعري الجديد، و مدوّنة البستان الشرقي ترحّب بإنتاجه و إنتاج مبدعينا الأفاضل جميعهم، كما تشكر كلّ من يعمل من أجل الإشعاع الثقافي و الإبداعي

07/12/2011

الحزن يعصف كل يوم

الحزن يعصف كل يوم


شعر

إدريس  يزيدي

مطبعة تريفة ¤ بركان 2008

إدريس  يزيدي


شاعر مقيم ببلجيكا

نادميني أ يا بنات القوافي ¤ فاض دمعي و كلّ نبع شحيح
ناوليني عرائساً و عروضا ¤ أقتفيها فالشعر عنّي يشيح
راوديني ففيك أرجو ملاذي ¤ أسعفيني فكلّ جسمي طليح

من نص عنوانه : ضقت في غربتي

02/12/2011

قراءة في لعنة باخوس


لعنة باخوس


قصص


أحمد بلكَاسم


طبع : مكتبة الطالب ¤ وجدة


2010




سيكون من نافلة الكلام الإشارة إلى المكانة الحفية التي صارت تحتلها القصة القصيرة في مشهدنا الإبداعي المعاصر بالمغرب، حيث إن لائحة كتابها ما فتئت تتسع من الجنسين معا، وجغرافية نصوصها باتت تشمل ربوع الوطن برمته، وتنوع تجربة الكتابة فيها في اضطراد مستمر.

ولعل نظرة عابرة يلقيها أحدنا على الملاحق الثقافية والمجلات الأدبية ولوائح الإصدارات القصصية كفيلة بتوكيد هذه السلطة الرمزية للقصة القصيرة وما هذه الباقة القصصية للأستاذ أحمد بلكاسم إلا واحدة منها. وقد جاءت لتبحث لها عن شهادة ميلاد بين ثريا القصة المغربية وهي تستحق ذلك بكل تأكيد.

فيما يتعلق بالعنوان

يصر النقد الأدبي المعاصر كثيرا على ضرورة الالتفات إلى عتبات النص لما تخلقه من أفق التوقع لدى المتلقي عند أول لقاء له به. ويعد العنوان أهم هذه العتبات نظرا للعلاقة القوية التي تربطه بالنص الذي يؤشر عليه ذلك لأن العنوان يوجه القارئ إلى سبيل الإمساك بمعانيه ودلالته. وبهذا المعنى، فالعنوان يتضمن النص بقدر ما يتضمن النص العنوان كذلك.

وحين البحث في عنوان المجموعة القصصية للقص أحمد بلكاسم لعنة باخوس فإننا نلفيه يؤشر على إحدى قصص المجموعة فهو إذن عنوان داخلي اختير ليكون عنوانا خارجيا وفي هذا أكثر من معنى ودلالة:

أولا لأن هذا العنوان هو عنوان آخر قصة تتضمنها المجموعة القصصية . وثانيا، لأن تجربة الكتابة في هذه القصة مغايرة لما سبقها من قصص. ثم إن انتماءها الزمني بعيد نسبيا على أزمنة كتابة باقي القصص بل متأخر عنها -2008- .

ولعل لهذه الأسباب كلها دفع القاص أحمد بهذا العنوان ليكون مؤشرا رئيسيا على التجربة كاملة .

أما من حيث دلالة العنوان فإن المتلقي يحس حين قراءته بشحنة قوية صادمة، فكلمة ’’ لعنة ’’ تحيل على الغضب والتذمر، أما لفظة ’’ باخوس ’’ فهو إله الخمر عند الرومان. فما العلاقة يا ترى بين اللعنة والخمرة؟ ولماذا اللعنة وليس النشوة التي يهيم بها السكارى؟

إن ما ييسر الاقتراب من الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها ، صورة الغلاف المرافقة للعنوان، فهي تصور طفلا متعبا غلبه النوم وبجانبه جرة مكسرة، يفترش الأرض في زاوية غرفة لم يزدها اللون البني الداكن إلا قتامة. أهو الليل الذي كانت الذات الكاتبة تخشاه؟ أم هو الغبش الذي يلف الرؤية عندها؟

بناءا على ما سبق يمكن أن نقول: إن الذات السائرة في هذه القصص عموما تحس غصة خانقة وخيبة أمل حارقة في تجارب مرت بها في رحلة العمر .

ويتأكد هذا المدلول أكثر من خلال التوغل في قراءة قصص المجموعة، إذ شواغلها لا تفارق هموم الذات الساردة. 2: من حيث التيمات.

تشتمل هذه الباقة القصصية الجديدة إحدى عشرة قصة تحمل كل واحدة منها مواصفات القصة القصيرة في الشكل كما في المضمون .

زمنيا تنتمي قصص المجموعة إلى عقد التسعينات أي ما بين 1996 و 1999 باستثناء القصة الأخيرة ’’ لعنة باخوس’’التي كتبت سنة 2008

جغرافيا تنتسب هذه الباقة القصصية إلى مدينتين مغربيتين، بركان وتازة وحين نعلم أن القاص أحمد بلكاسم عاش بين هاتين المدينتين تجربة مهنية نعرف السياق الذي كتبت فيه هذه القصص.

تيماتيا، إذا شئنا أن نرسم خريطة للموضوعات التي اشتغلت عليها هذه الباقة القصصية يمكن أن نحصرها دون تعسف في معاناة الذات الساردة عبر تجربة حياتية أهم فصولها التجربة المهنية بين مدينتي بركان وتازة.

الجوانب الفنية

إن أول ما يلفت انتباه القارئ في هذه المجموعة القصصية تقنية الوصف ، فنحن أمام قاص واصف بامتياز لا يترك سمة مميزة لشخصياته إلا أحصاها ، وسواء أوصف الأنثى أو الذكر أو أي شيء فان المشترك هو دقة التصوير ، يصف الأنثى إلى درجة يجعلك تتمنى لو أنها كانت رفيقة العمر . ويصف الذكر فيجعلك تبتسم ولو كنت فظ القلب قاسي الطبع . ويصف الأشياء حتى تقول كأنها خلقت أول مرة. ويمكن أن تمثل لذلك بهذا المقتطف من قصة ’’ الأفعى الصفراء : ’’أنامل الرجل النحيل الجسم، الطويل القامة المعقوف الشارب مثل رجل صعيدي، الحليق الذقن كموظف بنكي ، الدهني الشعر لماعه مثل جيمس بوند ، ذي العينين الغائرتين في الجمجمة كأحد قراصنة جزيرة الكنز، وذي العنق الطويل كأنبوب اختبار، تتدلى منه تفاحته الآدمية كحبة بططا،... ص9

ويلاحظ قارئ هذه الباقة القصصية شحنة شعرية تسري في نصوصها كسريان النسغ في أغصان الورد. وليس هذا غريبا ففي القصة القصيرة المعاصرة تتجاور جمالية الشعر مع جمالية السرد . وفي كل قصة جيدة شيء من الشعر، كما يقول الناقد الأدبي المغربي نجيب العوفي.

وثمة أخر أوجزها كما يلي:

لقد استطاع القاص أحمد بلكاسم أن يجعل قصصه فضاء رحبا تتفاعل معه مستويات اللغة الفصحى والعامية ومجالا يستدعي التراث الشفوي والكتابي المغربي والعربي ، كما استعان القاص بالتعبير القرآني حينا وأحيانا تأتي الآية كاملة.

كما توسل القاص بتقنيات الكتابة القصصية التجريبية كالتقطيع السردي ، وتشكيل الفضاء وتمزيق أوصال الجملة والكلمة أحيانا. ولم ينس تجريب تصوير الأحداث عجائبيا، غير أنها سرعان ما تتنزل واقعيا فتؤكد انشداد الكاتب إلى يومياته.

خاتمة

لم يكن القاص أحمد بلكاسم إلا كاتبا ، اختار عالم الهامش والمهمشين انتماء، وفضاءهم متنفسا. وهو إذ ينحاز هذا الانحياز، فهو يقف موقفا ويقدم رؤية يشفان عن وعي عميق بمعاناة الانسان المغربي، ماضيا وراهنا.

لقد صار بوسعنا بعد قراءات متعددة للمجموعة أن نقر جملة من الخصائص المميزة للكتابة الإبداعية فيها، فبرغم احترامها في أغلب النصوص لخطية السرد، فان تجربة القاص أحمد تأخذ بتقنيات التجريب القصصي المعاصر. وببراعة فنية استطاع قاصنا أن يجمع بين نقل التفاصيل اليومية والغوص في كوامن الذات، كاشفا آلامها وهمومها وطموحاتها

د. عبد الكريم بومعزة