22/06/2011

القصة القصيرة بالمنـطقة الشرقية : المكان والمتخيل الشعبي

Kissa sawra

تنظم الجماعة الحضرية  لمدينة وجدة 
بمكتبة  البلدية الساورة
 نشاطها  الثقافي التاسع عشر 
القصة القصيرة بالمنـطقة الشرقية : المكان والمتخيل الشعبي
بمساهمة

علي عبدوس ¤  محـمد العتروس ¤  أحمد بلكَاسم
 اسيـداين عبد الكريم ¤  بنيونس بوشعيب
   حسن عزيماني ¤ عبد الكريم بومعزة
عبد الحليم الزخنيني ¤ الجيلالي عشّي


بمكتبة الساورة
مساء 02 يوليوز 2011    

20/06/2011

بوّابة ابن رشد

باسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين
و السلام على الجميع صغاراً و كباراً
و بعد، فليت قلمي يتصيّد التعبير المناسب لهذا المقام ... فالسعادة تغمرني بحضور هذه الأمسية الثقافية، في هذه المؤسسة التربويّة العتيدة، التي درستْ فيها نخبة من أبناء أبركان هامّة، تفوّقت في ميادين عديدة : إنسانيّات و علوماً، داخل الوطن و خارجه. و لو انبرينا لذكر الأسماء اللاّمعة لاحتجنا إلى وقت غير يسير ... وأنا حاضر ههنا باعتباري من قدامى تلامذة ابن رشد.  فهنا أدّيت امتحان الشهادة الابتدائية، و درست المرحلة الإعداديّة، بداية السبعينيّات. وولجت مكتبة هذه الثانوية برهبة، و أخذت منها كتباً ساحرة عجيبة. و لا أنسى الجائزة التي حصلت عليها، ذات موسم دراسيّ، و كانت عبارة عن كتب ما زلت محافظاً عليها، و كان لأحدها عظيم الأثر على ذائقتي الفنيّة. أعني كتاب فن الأدب للأديب توفيق الحكيم. والنصّ الذي أستسمحكم لقراءته، كتبته بعد أن أخبرني أخي الفاضل الأستاذ الشاعر عبد العزيز أبو شيار بالدعوة الكريمة للمشاركة في هذه الأمسية الإبداعية . وقد لمّحت في النصّ إلى أجواء دراستي في ابن رشد. و كلمة الهايكو الواردة فيه تعني تقليداً شعريّاً من التقاليد الإبداعيّة اليابانيّة، يتميّز بتكثيف المعاني في الكلمات القليلة. أمّا الخيّام فهو الرياضيّ و الشاعر الشهير برباعيّاته : عمر الخيّام.  وقبل قراءة النص، أتقدم بالشكر الجزيل مرفوقاً بالتقدير الكامل، لمدير هذه المؤسسة الغالية،  وطاقمها الإداريّ كلّه، و لهيئتها التدريسية، و أعوانها المحترمين، و إلى تلامذتها ذكوراً و إناثاً ... فهنيئاً، لكم و لنا بإنجاز هذا النشاط الثقافيّ البهيج، الذي سيظلّ بذاكرتنا عالقاً. و بانحناء التواضع و التقدير إليكم النص، و هو تحت عنوان : بوّابة ابن رشد



Ibn Rochd Berkane إعدادية ابن رشد بركان
© Yamal ¤ Archive



ماذا ترك الأوائلُ والشعر ومضٌ ومضايقُ؟

… … …

عرقُ العمامات والمناجلُ
درّاجةُ الهواءِ، الأصيلُ والنسائمُ
خطْواتٌ، أوراقٌ معالمُ
حلْقاتُ الشيوخِ، الصدى واللّقالقُ
دفاترُ الخيال أوكارٌ ووسائدُ
إلى ابن رشدٍ فيه العلا والفوائدُ
لهُ الذكرياتُ الفرائدُ
الدوّاسةُ، طريقُ الساقيةِ، دعاءُ الخيرِ
الشقائقُ الحُمْرُ واليعاسيبُ
الرياح الهوجُ والصحابُ
الحكايا البدائعُ الطرائفُ

الحالم بالرُّبى والسهلِ والذّرى
القرويُّ الأَغْوَتْهُ الأغصانُ الرواقصُ
أنا العَلَّمَتْهُ السنابلُ والبيادرُ
لي في نَوْرِ الصبّار مآربُ

 

شاعري وأنت الباسمُ
اكتبْ فالحرفُ بلْسَمٌ والثواني سوانحُ
يا بوّابةَ الرهبةِ والأحلامْ
دخلتُ بستانَ الكلامْ
تملَّيْتُ كَرَزَ الهايْكو
زهْراتِ الخيّامِ، هلْ ناح اليمامْ
كتبْتُ ما انْطَوَتْ عليهِ الأضالعُ
كوتْني الحروفُ الفواضحُ
غنِّ فَلِلْغنا مواكبُ
غنّيْتُ الهشيمَ والأيّامُ فواجعُ
فأخْرستني القصبات الجوارحُ


بركان : 03.06.2011

جمال الخلاّدي ©

Ibn Rochd Berkane ابن رشد بركان

 في ساحة ابن رشد

19/06/2011

مآثري التي لا تحصى





أنا الآن موظف متقاعد. يعجبني تصفح ألبوم الصور التي تؤرخ لمآثري المجيدة. لي أربعة أولاد وزوجة مطيعة، إن كنتم ترون أن ما يحدث في الحلم واقع. هرمنا

صورة بالأبيض والأسود تعود إلى ما مضى من الزمن الكالح، وهي تمثل هذا العبد الضعيف وأمي وأبي وإخوتي

نبدو كبدو رحّل، حلّوا حديثاً بمنطقة نائية . سيعانون شظف العيش. كلاّ، كنّا من الطبقة المتوسطة لأن أبي كان يشتغل حارس سيارات فارهة قبالة محطة القطار

الصورة الثانية تمثل منظراً طبيعيّاً في أدغال إفريقيا . أنا وأبي شمّرنا عن سواعدنا بحثاً عن الديناصور. ألا تراه خلفنا ؟  إنه قادم نحونا ليبلعنا دفعة واحدة.  من التقط هذه الصورة العجيبة ؟  في الواقع نسيت من أنجز تلك المهمة .  أبي يقول إنها أمي، أما أنا فأكاد أجزم أنها لو كانت لها لكانت الصورة معتمة، والأمر واضح لأن عينيها كانتا مصابتين بالرمد

في الصورة الثالثة تغير وضعنا الاجتماعي.  فأبي صار حارس سيارات أجرة . إنه واقف جنب واحدة منها، مبتسماً، معتدّاً بنفسه وما أكثر اعتداده بها. هي في الواقع ابتسامة مزيفة على غرار ما يفعل الناس كلهم

في الصورة الرابعة، أنا في المدرسة وسط جمع من التلاميذ الأغبياء. أنا كنت أذكاهم، وإن كنت لا أستطيع فهم لماذا أتلقى كمّاً من اللكمات في كل يوم.  كان عصر لكمات وعض وتخميش وضرب بالأرجل والقبضات الحديدية، ولكنه كان عصراً جميلاً

في الصورة الخامسة، أنا قبالة السينما.  كنت مغرماً بالأفلام الهندية.  يروقني البكاء والعويل داخل قاعة امتلأت بروائح آدمية منفرة . لا يعدو أن يكون الأمر ترويحاً عن النفس المكلومة. أنت ترى بوضوح البطل وهو يوجه مسدسه إلى الشرير المحبوب. كان فيلماً رائعاً لم ينزل إعلانه من فوق مدة تقارب الشهرين. وعلى أي حال يمكن لك أن تسأل أمك عنه

في هذه الصورة، أنا حارس سيارات أجرة قبالة محطة القطار.  ورثت العمل عن أبي بعد وفاته. ألا ترى أنني من الطبقة المتوسطة ؟  ربطة العنق، والبذلة السوداء والقميص الأبيض، هي عدة العمل.  لا أنكر أنّ صديقاً وفيّاً أقرضني إيّاها ، وهو بالمناسبة مساعدي في حراسة شمال المحطة ومن يقوم بمهمة التأريخ لمآثري.  بارك الله فيه وفي ذرّيته، آمين

 

الحسن بنمونة

 
بركان : 11 يونيو 2011

© Yamal

14/06/2011

عن الملتقى الوطني الأول للقصة بأبركان

أحمد بوزفور

معمّر بختاوي

 أحمد شكر

عشّي الجيلالي

حسن البقالي

بديعة بلمرح

أحمد بلكَاسم

 عبد القاهر الحجاري

الحسن بنمونة

محمد أيت حنا

محمد العتروس

محمد بنسعيد

علي عبدوس

حسن المزوني

 إبراهيم ديب

عبد القادر الطاهري

الطيب هلّو

 محمد رحّو : مسيّراً

على مقدمة الصورة من اليمين إلى اليسار
أ. بوزفور ¤ م. رمضاني ¤ ح. المزوني ¤ م. بنسعيد ¤ س. ملّوكي 
 
صورة جماعية ختامية



الموضوع : نماذج من إبداعات قصّاصين مغاربة معاصرين
الزمن : اليوم الثاني من الملتقى الوطني الأول للقصة بأبركان
12.06.2011
المنظِّم : جمعية أبركان للثقافة و التراث بشراكة مع المجلس البلدي لمدينة بركان
المكان : النادي الثقافي لملوية السفلى

11/06/2011

عن الملتقى الوطني الأول للقصة بأبركان

رقصة تقليدية ¤ من جلسة الافتتاح

شبان يؤدون رقصة تقليدية ¤ من جلسة الافتتاح

  جمهور أمسية : القصة المغربية و التراث

  جمهور أمسية : القصة المغربية و التراث

من اليمين إلى اليسار : عبد القادر الطاهري ¤ الحسن بنمونة
  مصطفى رمضاني : مسيّراً ¤ أحمد بوزفور ¤ يحيى عمارة ¤ الطيب هلّو

¤¤¤¤¤

الموضوع : اليوم الأول من الملتقى الوطني الأول للقصة بأبركان
محور الملتقى : القصة المغربية و التراث
المنظّم : جمعية أبركان للثقافة و التراث بشراكة مع المجلس البلدي لمدينة بركان
المكان : النادي الثقافي لملوية ¤ بركان
الزمان : السبت 11 يونيو 2011

10/06/2011

من ربيع ابن رشد الثقافي الثالث

 ثانوية ابن رشد الإعدادية ¤ بركان
 Ibn Rochd ¤ Berkane
 العلم نور
 شكراً لكلّ من عمل على إنجاح هذه الأمسية الثقافية الهامة
09.06.2011

© Yamal

لقطات من الأمسية الثقافية التي نظمتها ثانوية ابن رشد الإعدادية، ضمن برنامج ربيعها الثالث، بمشاركة براعم إبداعية من المؤسسة المنظمة، و مجموعة من الأساتذة   والمبدعين : حسين الخضراوي، الحسن رزوقي، عبد العزيز أبو شيار، أحمد اليعقوبي،عيسى شلفي، حسن مزوني، محمد رحو، أحمد بلكَاسم، عبد الكريم بومعزة، جمال قادة 

09/06/2011

ربيع ابن رشد الثقافي الثالث


تنظم ثانوية ابن رشد الإعدادية بأبركان أمسية ثقافية، يشارك فيها ثلّة من مبدعي  مدينة بركان ضمن أنشطة ربيعها الثقافي الثالث، مساء : 09 يونيو 2011

08/06/2011

مغامرة



كان الهدوء يغشى المدينة النائمة، والأضواء الباهتة تمخر عباب ليلها البهيم، بينما كانت الرياح تنوح وهي تكنس الأزقة والأرصفة، بطريقة عشواء

أحس برهوش بالبرد القارس يخترق مسامه، ويخز عظامه وخزا ساما، فتكوم على نفسه تحت شرفة أحد الأبواب الفارهة متظاهرا بالنوم، نقت ضفادع بطنه نقيقا مزعجا، فنهض كالمعتوه يبحث عن خيط مفقود يربطه بعالم أولي النهي، فلم ير سوى صندوق قمامة يتيم يستند إلى جذع شجرة عارية. قصده بتؤدة نظير فاتح عظيم، وهم يحشر رأسه في الصندوق ليستخرج منه درره النفيسة، من عظام لا زالت تحتفظ بطراوتها، وأشياء أخرى تصلح لأن يحشو بها بطنه الضامرة. وما كاد يفعل حتى سمع دبيب وافد ثقيل الظل. ر فع رأسه وبدا له شبح يرقص في رأس الزقاق، حاول تجاهله والشروع في ملء بطنه الأجوف، لكن وقبل أن يرتد لبرهوش طرفه، كان الشبح قاب قوسين أوأدنى منه والشرر يتطاير من عينيه وشدقيه، والكلمات النابية، البذيئة، كانت تندلق من بين أنيابه كالشهب

- كيف سولت لك نفسك يا ابن الكلبة المزلوطة، أن تطأ هذا الحي؟ ألم أحذرك من قبل يا مغرور ألا يتعدى ظلك حدود مملكتي؟

- آسف سيد ملهوف عن الإزعاج، اهدأ سأنسحب توا لأخلي لك المكان

- لا ليس الدخول إلى الحمام كالخروج منه؟ سألقنك درسا لن تنساه ما دمت حيا. أدرك برهوش أن ساعة الحسم مع هذا الطاغي، قد أزفت، استنفر كل قواه للمواجهة، واستعطف السماء كي تعينه على هزمه شر هزيمة، والذي انقض عليه بكل ما أوتي من قوة، فراغ له برهوش، ليرتطم بجذع الشجرة، وصندوق المؤونة. فازداد ملهوف شراسة وغطرسة، لتستمر المعركة حامية الوطيس. تبادل فيها الخصمان كل فنون الحرب والقتال، من عض ونهش ورفس. لقد ظل برهوش صامدا، يقاوم ببسالة نادرة، غارات غريمه، إلى أن جاء الخلاص من هراوة غليظة، نزلت على ظهر ملهوف، من يد أحد الحراس الليليين، الذي أزعجته أوزار الحرب

أكيد أنها الضربة قاسية، تلك التي تلقاها عدو الله، وإلا كيف يفسر تبوله، وتبرزه في عين المكان، دونما حاجة إلى رفع قائمه الخلفي، و تقويس ظهره، مخالفا بذلك سنة الأجداد. ردد برهوش هذه العبارات شامتا بخصمه، وقد أطلق ساقيه للريح لا يلوي على شيء. طبعا كان يضحك شامتا بخصمه، ومتسائلا في الوقت ذاته

- ماذا لو أن الهراوة أخطأت ظهر ملهوف؟ وأصابت ظهري؟ يا لطيف !الحمد لله أنني نجوت هذه المرة

بعد مضي حين من الوقت، نقت أمعاؤه من جديد، فعاوده الحنين إلى- الزردة- التي ولاها دبره. قفل راجعا صوبها وكله حيطة وحذر. من بعيد لفت نظره قط هزيل، يعثو فسادا في القمامة، اقترب منه بتوجس، حدجه بطرف عينه، آمرا إياه بالانصراف وإلا طرده شر طردة. رفض القط الهزيل الانصياع لأمر برهوش، و قفز بمحاذاته مبرزا مخالبه، ومقوسا ظهره، ليبدو جملا صغيرا . هم برهوش بتسديد لكمة عنيفة لوجه هذا المغرور بنفسه؛ غير أنه عدل عن الفكرة خشية أن يشعر صاحب الهراوة بتواجدهما، فيسلطها على أحدهما، ليس كل مرة تسلم الجرة قال متمتما، ورضي أن يقاسمه وليمته دون فوضى. أكلا حتى شبعا. وقبل أن ينصرف كل واحد إلى حال سبيله دنا القط الهزيل من برهوش، هامسا في أذنه

- يبدو أن أصحاب هذه القمامة يتبعون حمية شديدة، فلا أثر للسكريات ولا للملح في أطباقهم، أخشى أن أزداد نحافة وهزالا. هذا ما لاحظته أنا أيضا رد برهوش، فالمرق الذي لعقته، كان عبارة عن ماء متبل لا دسم فيه، لكنني شبعت، بعد ذلك افترقا

لأول مرة يشعر برهوش بالتخمة، بحيث كان يتبختر في مشيته مثل إمبراطور عظيم الشأن والسلطان. قادته خطواته البطيئة نحو مقر سكناه، وهو عبارة عن هيكل سيارة مهمل، في حي ناء من المدينة. نام بعض الوقت ثم استيقظ على صياح الباعة المتجولين، وهم يدفعون عرباتهم صارخين: النعناع، القصبر، مطيشة، خيزو، البطاطا. اتجه نحو الشجرة التي التقى تحت أغصانها لأول مرة بحبيبة قلبه، سوسو، سوسو .. ذلك المخلوق اللطيف.. الوديع الجميل البريء.. سوسو المتعلمة الخفيفة الظل الودودة...سوسو الحنون  الحالمة. غاص في تفكير عميق، وهو يناجي طيفها البهي، يهمهم كالمجنون وينظر إلى الشجرة الباسقة مستنجدا، مستعطفا، كمن يتمسح بأعتاب ضريح ولي صالح

لما أعياه الانتظار، والبكاء على الأطلال. عرج على الوادي، حيث وقف على ضفته يسترجع شريط أيامه الحزينة، البئيسة. تراءى له طيف صديق طفولته المعذبة، وهو يصارع فيضان الوادي الذي يلوذ بالصمت شهورا وأعواما، وحين ينطق يلفظ الموت والخراب. انهمرت العبرات من مقلتيه بسخاء حارة، وهل يبخل الخليل عن خليلته بدمعه؟ والشوق الحارق للمحبوبة زاد من خبله، كحرارة اشتياقه للخلاص، اشتياقه للطمأنينة والأمان، اشتياقه ليد تربت على كتفه، تكفكف دمعه، وتهدئ من روعه، وتمسح عن محياه غبار الحزن القاتم الآسي. حمل جراحه على كاهله المثقل بالهموم والنكبات وقصد الشاطئ، حيث كان يتأمل آثار خطواته على الرمال، والتي ما تفتأ تمحوها أمواج البحر المنتحبة. وهو يركب موجة، ويتسلى بمنظر أخرى تذوب في استحياء بين أحضان الشاطئ الواسع، تذكر وصية والده الخالدة: "إن هذه الأرض، مهرة جموحة لا ترضخ صهوتها لكل من هب ودب، إنها يا بني أرض معطاء، ذات خيرات، فقط بني ضبعون هم الذين اغتصبوها، وجعلوا أعزة أهلها أذلة". عاد برهوش إلى واقعه التعس، ليصطدم بأمواجه الهادرة، وعلت وجهه مسحة من الحزن الدفين، خفق قلبه بالكره المقيت، وقد خص به كل من كان حجر عثرة، في طريق تحقيق أحلامه وأمانيه. وبينما هو كذلك إذ بسوسو تتراءى له ممتطية صهوة غمامة وديعة، ترنو إليه بحب ودلال، تسارعت نبضات خافقه المكلوم المعذب، فنادى بأعلى صوته :سوسو...حبيبتي تعالي أنا هنا وحدي، تغتالني الوحدة، وحدة نهاية القرن العشرين، لقد افتقدتك كثيرا، تعالي شنفي سمعي بصوتك الرخيم، حدثيني عن كل شيء. عن الحرية عن الحقوق، عن الديمقراطية. فها هنا يا حبيبتي ما زالت مصلوبة، رغم الصناديق الزجاجية، رغم الوعود الوردية، والنزاهة والشفافية، ما زال سيف الحجاج يخترقني نصله من الوريد إلى الوريد، في الصبح كما في العشية. فجأة خر مغشيا عليه، يتفصد عرقا، فاختلط بكاؤه وعويله بنباحه، ولم يعد يدري أي مخلوق هو. لما آب إليه رشده، رفع بصره إلى الغمامة الوديعة، فلم يعثر لطيف حبيبته على أثر. غير بعيد عنه، نزل شخصان على صخرة بالقرب منه، فراح يسترق السمع إليهما في حزن، فإذا هما عاشقان، يتبادلان حلو العبارات، ومعسول القبلات

- لما أصل يا حبي، سأعمل كل ما في وسعي لأعود إليك بالكاط كاط، وسنقيم عرسا سيكون أبا الأعراس.

- ........... !

- كأنك لا تثقين بي !

-لا ليس هذا قصدي .إنما

- أعرف أعرف، تخشين علي الموت غرقا كالآخرين، أليس كذلك؟

- أجل يا فارس أحلامي

- من هذه الناحية، اطمئني يا توأم روحي، فأنا سباح ماهر، اعتبريني سندبادا بحريا جديدا

- ماذا لو بقيت في بلادك ذلك أفضل !؟

كاد برهوش أن يتطفل ويكون فضوليا، ليقنعها بأن بني ضبعون، قد نضحوا العظام كلها. بيد أن العاشق سبقه قائلا

- لا يا عزيزتي، ليست هناك من وسيلة أنجع، غير هذا الأزرق المتلاطم الأمواج، أما خوفك علي من الغرق، فأنا يهون علي أن تبتلعني حيتانه، على أن تبتلعني حيتان بلادي البرية. وطفق ينظر إليها نظرة حنين ووداع

لبست الأحلام ثوب الكآبة، وبدا وجه البحر يتجرد من لونه الشاحب، ومن عيونه العابسة، ليصبح مثل قصيدة عصماء، يتغنى بها الفارس الفحل، أمام عروسه النجلاء

بعد مضي سنة كاملة أو يزيد، فوجئت العروس وهي تتابع نشرة إخبارية، عبر قناة تلفزية عالمية، بصورة برهوش تكتسح الكاميرا، بينما كان المذيع يقرأ بصوت جهوري: إن المدعو برهوش، قد أحيل على المحكمة لتبث في دخوله التراب الفرنسي، بطريقة غير قانونية، وبعد ذلك بقليل، ظهرت صورة العاشق الحالم، لكن جثة تطفو على سطح البحر ختم المذيع النشرة، مودعا المشاهدين بابتسامة ساطعة

بركان   دجنبر1997
أحمد بلكَاسم



حدائق الألوان

لوحة الفنان : عبد الحفيظ مديوني




للأستاذ عبد الحفيظ مديوني حدائق خاصة ذات أبواب موصدة، لا تفتح للعيان إلاّ نادراً، يزرع فيها ألوانه المختلفة، و يغرس بداخلها أشجاراً من كلّ جنس ويطمر بين طياتها أفكاره و أحلامه، و يردم في جوفها قصصاً من المجتمع وأحداثاً يأبى إلاّ أن يسردها على شكل رسومات تبدو مبهمة أثناء النظرة الأولى، لكنها مفعمة بالإيحاءات الدالة و الإشارات الناطقة . و هذا ما يجعل جلّ أعماله عبارة عن أشكال عجيبة لا تشبه الأشياء العادية بتاتاً، و لا تنتمي في غالب الأحيان إلى عالمنا، ممّا يضفي عليها نوعاً من قداسة الأضرحة، و هالة الأماكن المهجورة، وسكون المقابر التي تحتضن كثيراً من الأسرار، و حميمية سراديب أديرة الرهبان و ما تختزله من اعترافات و بوح

و لوحاته المعروضة حالياً في هذا الرواق، تحت عنوان : اللون فرجة وخطاب، نموذج لذلك . فهي، رغم اختلاف مواضيعها، تلتحم بواسطة خيط رفيع يفشي الطريقة التي اعتمدها الفنان لإنجازها في هذا القالب بالذات، و لا سيّما أنه استعان من أجل ذلك بأداة السكينة، مستغنياً عن الفرشاة و الريشة هذه المرة . وهذه التقنية تحتاج إلى تركيز كبير، و حضور ذهنيّ متميّز للتفاعل مع كتل الإطارات و أفئدتها القابعة في الأعماق، و التي تشكل خزاناً كبيراً لخلفيات تهب دينامية دائمة لما تحتويه الفضاءات من خلال أشعة الألوان الزيتية الحارة الساطعة تلقائياً على الواجهات الأمامية المثقلة بالصباغة، لتكشف عن مستورات تنبعث من الجوانب، و تطبع، إلى حد كبير حتّى الحواشي، بألوان فاتحة تكسر العتمات و قتامة الألوان الرمادية، و تنحل أمام تلك الأسوار و الحصون السميكة المنتصبة عمداً في أماكن دقيقة لكي تحدث خدشات لونية تحيل على طابوهات المجتمع، و تذكر بمسكوت عنه طالما طبع المجتمع الذكوري المشار إليه بواسطة ألوان داكنة و غامقة تطفو على الأقمشة، و تلتئم مع الألوان الفاتحة لتخلق ازدواجيات متحركة، و ثنائيات لا تنتهي عند تقاطع كلّ لون، بل تتعدّى ذلك، وتخترق عوالم الخيال و الأحلام، عبر أسلوب تجريدي محض يرفض أن يحاصر عين المشاهد و يوجهها إلى جوانب معيّنة، لكن يجعلها تمسح المساحات أفقياً و عمودياً، أو من اليسار إلى اليمين، أو في الاتجاه المعاكس

و هذا ممّا يجعل أعمال الفنان تتوفر على أبعاد متعددة، و تُرى من زوايا مختلفة . و هذا  الأسلوب مستلهم من اشتغاله بالمسرح : عالم الألوان و الديكورات وينطبق على جلّ
أعماله الفنية

و يبدوهذا الأسلوب واضحاً في تلك اللوحة التي تضمّ بين محتوياتها قمراً وطائراً إلى جانب أشياء أخرى خارجة عن المألوف، ذات دلالة متعلقة بزمان لا بداية له و لا نهاية، و مكان ليس له حدود، و النظر إليها بإمعان يجعلك تلج إلى فضاء يضيق بسواد غير كثيف، يخترقه بياض ليس بناصع يوحي بالغسق، ويمزّق ما تبقى من ستار ليلة ظلمتها حالكة، و يحدّ من ضوء قمر آفل لا محالة، يذكّر ببزوغ فجر جديد، يدع مكانه لشمس ترخي شعاعها شيئاً فشيئاً على الهياكل الآدمية، لتدفئها و تدفعها للانتفاض و الانسلاخ عن مكانها القاتم، إلى درجة يصبح معها شموخها السلبي عنفواناً، يصنع لها أجنحة خفية، تدفعها للتحليق بقوة تضاهي قوة الطائر، و تزيحه من مكانه؛ ممّا يخلق نوعاً من الإثارة داخل اللوحة، خاصة و أنّ كلّ صورة تصبح مؤدية أكثر من وظيفة، تدعو المشاهد إلى الطيران بعيداً، و بدون تعب، ليحلّ برحاله في دنيا الخيال، انطلاقا من هذه المحطة : اللوحة

عبد السلام صدّيقي

بركان :   01 يونيو 2011


02/06/2011

الملتقى الوطني الأول للقصة بأبركان


تنظّم جمعية أبركان للثقافة و التراث
 بشراكة مع المجلس البلدي لمدينة أبركان
 الملتقى الوطني الأول للقصة بأبركان
 تحت شعار : القصة المغربية و التراث
يومي 11 و 12 يونيو 2011
 بالنادي الثقافي لملوية السفلى

البرنامج

اليوم الأول

الرابعة بعد الزوال: استقبال الضيوف مع حفل الاستقبال بمشاركة فرقة الليمون للفلكلور المحلي

الخامسة بعد الزوال: الجلسة الافتتاحية تتضمن افتتاح المعرض وتلاوة الكلمات الرسمية للجمعية والشركاء

السابعة مساء: الجلسة الأولى تتضمن قراءات في الإبداع القصصي المغربي

المحور القصة والتراث. بمشاركة: أحمد بوزفور، الحسن بنمونة، يحيى عمارة، الطيب هلو، سعاد مسكين، جمال بوطيب، عبد القادر الطاهري. يسير الجلسة مصطفى رمضاني

تليها المناقشة. زيارة معرض اللوحات التشكيلية للفنان عبد الحفيظ مديوني

العاشرة والنصف: سمر إبداعي موسيقي

اليوم الثاني

العاشرة صباحا: جولة سياحية ثقافية للتعريف بالمنطقة وغناها الطبيعي

والثقافي لفائدة المشاركين في اللقاء

السابعة مساء: الجلسة الثانية تتضمن قراءات إبداعية بمشاركة: أحمد بوزفور، الجلالي عشي، فاطمة الزهراء الرغيوي، أحمد بلكاسم، عز الدين الماعزي، محمد بنسعيد، جمال بوطيب، أحمد شكر، الحسن بنمونة، حسن البقالي، بديعة بلمرح، شكيب عبد الحميد، معمر بختاوي، علي عبدوسي، عبد القهار الحجاري، حسن المزوني، عبد القادر الطاهري، فاطمة بوزيان، محمد آيت حنا
عبد الوهام سمكان، هلو الطيب، محمد العتروس
 الجلسة من تسيير الأستاذ محمد رحو

العاشرة: اختتام االملتقى

العاشرة والنصف: سمر موسيقي تراثي

ملاحظة

على هامش اللقاء ينظم معرض للإصدارات الجهوية والوطنية

اللون فرجة و خطاب


تنظّم جمعية أبركان للثقافة و التراث
 بتعاون مع المجلس البلدي لمدينة أبركان
معرضاً للفنان عبد الحفيظ مديوني
 تحت عنوان : اللون فرجة و خطاب
 من 10 إلى 19 يونيو 2011
 شارع محمد الخامس، قرب القاعة المغطاة