27/02/2012

قصص لأبنائي حتى يناموا



          صدر عن منشورات وزارة الثقافة المغربية كتاب للقاص المغربي الحسن بنمونة  وهو مجموعة قصصية بعنوان (قصص لأبنائي حتى يناموا) في سلسلة إبداع . هي قصص تتناول ظواهر اجتماعية وسياسية بأسلوب ساخر ، وتسعى إلى محاورة قصص عالمية لكتاب من تركيا وألمانيا وأمريكا
         وقد سبق للكاتب أن أصدر مجموعة قصصية بعنوان مطعم اللحم الأدمي يرحب بكم  عن دار سندباد للنشر والإعلام  سنة 2009 


هنيئاً للمبدع الصديق الأستاذ الحسن بنمونة على إصداره القصصي الجديد الذي يثري المتن القصصي المغربي المعاصر، و يضيف لبنة إلى الصرح الإبداعي الذي يشيده المنحدرون من مدينة بركان و ناحيتها

24/02/2012

انكسار الأحلام وانتصار الرماد

قراءة في أوراق الرماد  للكاتب محمد العتروس


أوراق الرماد
رواية
محمد العتروس
طبع : شركة الأنوار المغاربية ¤ وجدة
الطبعة الأولى 2010




لأول مرة تلح علي الرغبة في الكتابة عن عمل قبل أن أنتهي من قراءته،
فحتى قبل أن أنتهي من قراءة رواية أوراق الرماد للكاتب محمد العتروس وجدت نفسي مشدودا لعوالمها وشخوصها ومنجذبا لتأمل المصائر التي يرسمها الكاتب بحذق ومهارة  فنية ولغوية نادرة ......
مصير مدينة ومصائر أطفال صاروا رجالا بعد أن جرفتهم أقدار التحولات في تياراتها الهادرة .
  والحقيقة فأنا لم أشعر بالمرة  بأنني أحمل بين يدي كتابا وإنما شعرت وأنا في كامل وعيي بالنشوة التي يحسها من يعتصر شهدة العسل ... فالرواية تقطر عسلا من فن القول وانسياب الحكي و  فرادة الأمكنة والشخوص .....
فهل يمكن أن أنسى الآن  بعد أن انتهيت من القراءة كل تلك الأسماء التي تفننت الأقدار الخفية(براعة الروائي وتركيبة المجتمع )في جعلها تتصل وتنفصل لتنسج في الائتلاف والاختلاف تاريخا مشتركا لأفراد ومجتمع أو لأفراد ليسوا في نهاية الأمر غير المجتمع الذي أنجبهم ؟ ،أفراد صنعوا تاريخهم خارج إرادة الكاتب ، فهو لا يملك غير أن يتابع ويسجل ويشهد أو يحترق كلما حاول انقاد أحلامه من الاحتراق ( ألم يتحول رماد الأوراق في نهاية الأمر إلى مداد ؟...أو ليس بفضل رماد الأحلام كتبت أوراق الرماد ؟)
   هل يمكن أن أنسى الأم الحنون وهي تهيئ الإفطار  أو تنتظر  الولد على باب الدار أو تحمله الحقيبة الخضراء وتسخر من كسره  البيضات المسروقة وتولول خائفة من أن تسرقه دروب الشر في غفلة منها؟
    تلك الأم ...أمنا جميعا ...تلك الأم أمهاتنا...هكذا نتذكرهن يطهين الخبز وينتظرن عند الأبواب عودة الأبناء...من المدارس أو من المحابس أومن غربة الدرب المظلم للحياة...هكذا هن في الذاكرة وفي الكتابة وفي السويداء من القلب...
    أو كيف  أنسى سام لألماني؟ ... إيه يا سام لألماني الذي دفن مأساته بين جوانحه ومضى إلى نهايته حزينا ووحيدا  يهرب من كل من اقترب منه  .. يهرب من الحبيبة القديمة والصديق القديم .... لا  أمن في هذا العالم ولا أمان ...
..والعار لا يزول ولا حتى بالدم..سيحمل عاره على جبينه كمن يمشي بصليبه على ظهره...
    هل انتقم فعلا لكرامته بقتل غريمه ولد الذين؟...وهل استعاد كرامته حتى يستعيد الحبيبة والصديق والأمل في الحياة؟..لقد انتهى بلا أمل في أن يعود من جديد إلى ما كان عليه في طفولته الأولى : لألماني الزين ولكن ولد الشعب  .. لقد انتهى مثلما انتهى أولاد  الشعب..
  تغير كل شيء .. وحتى و إن كانت الأمكنة هي نفسها فلا شيء بقي على حاله .
    ثم كيف أنسى الأب الذي قاوم الاستعمار و أنفه  مرفوعة إلى السماء وجاء الاستقلال لتدوس ظهره أحدية كمشة من الصلاكيط ؟.
الأب مات  بغصتين .. واحدة في الحلق والثانية في القلب .   
كمشة من صلاكيط داست كل شيء .. تاريخه وأوجاعه ونضاله وأحلامه ...  وكسرت المزهرية التي كانت الأسرة تحتفظ بها في غرفة الوالدين ولا تضعها على التلفزة ولا في الصالة خوفا عليها من عبث الصغار  .. الصغار لا يكسرون .. الصغار ينكسرون فقط كما انكسر سام لا لماني ..
   الأب الذي حارب الاستعمار يرى كمشة من صلاكيط تدوس كرامته وتاريخه ومزهرية الوطن...و بعد أن صار الوطن مستقلا صار الأب بلا وطن ..
       الوحيد المستفيد:
  عباس الحماس ... آكل الجيفة ... الجزار بائع لحم الحمار الذي اغتنى وانتفش وصار قطا سمينا  ككل القطط السمان يركب السيارات الفارهة ويدخل البرلمان.
المستفيد ...
المستفيدون أولاد الذين ....
  أهي سخرية الأقدار أم سخرية الأحلام الموءودة أم سخرية الاستقلالات الخائبة أم سخرية التحولات العنيفة المشوهة والمعاقة أن يصبح  المستفيد الوحيد أولاد الذين .....  أكلة الجيف وباعة الجيف .
الجيف وحدها خرجت منتصرة لأنها بلا روح .
   الكائنات الممتلئة كرامة وعزة وطهارة ونبلا تخرج خاسرة وقاصرة عن فهم ما جرى ومتحسرة عما فاتها..أما الجيف الممتلئة قذارة وحقارة ولؤما فتركب السيارات الفارهة وتلوح بأيديها شامتة ومنتصرة على زمن أعطاها بالباطل حق تصدر الواجهة وجعل الأب يموت بغصته ... وجعل الأخ المعتقل السابق يقفل عليه غرفته مفضلا ظلامها على ظلام النهار أو ظلم الإنسان سيان لأن النور ليس ما نراه ولا ما يجعلنا نرى وإنما هو ما ينبعث من شموع قلوبنا ، وإذا انطفأت شمعة القلب ففيما ذا ينفع أن نفتح نوافذ الغرف وأبوابها أو نغلق على أنفسنا في غرفة مظلمة ؟.
   هل يجب أن أتحدث عن أحلام.........هي الأحلام ؟؟ .
بل يجب ألا أتحدث إلا عن أحلام....إلا عن الأحلام....التي ليست أبدا في موعدها لا مع الكاتب ولا مع نفسها...يتركها حين تأتيه وحين يأتيها لا يجدها .
أحلام كاتب....أحلام الكتابة .
أحلام جيل ومجتمع تشكل في غيبة أبنائه و تحول قبل عودتهم...وحين عادوا من غربتهم أو غيبوبتهم ولم يجدوه كما أرادوا أخذوا يستعيدونه شبرا شبرا..حلما حلما..وذكرى بعد الأخرى...
ورقة ورقة .
ينفخون في رماد الأوراق لعل الحياة تعود من جديد لما أحبوه في مدينتهم / مجتمعهم / بلا دهم .
كاتب لا يحلم إلا بالسفر.
ولا يكتب إلا حين يغادر.
ويكتب حين يعود...... وبين ذهابه وإيابه يلتقط التفاصيل العصية ويعيد تأثيث المكان الحبيب / المكان الجديد/ المكان المتحول/ المكان الأصل .
المكان الأول لا يتحول .
المكان الأول كالحبيب الأول.
نعيد بناءه باستمرار إلى ما لا نهاية كنوع من التعويض أو كنوع من الاعتذار
عن  خطأ ما ارتكبناه في حقه أو تركنا أولاد الذين يرتكبونه في حقه .
الكاتب (محمد العتروس) يأخذ ك إلى كل الأمكنة ويسميها بأسمائها...المدرسة/ الأزقة/  الأحياء والناس والأشياء...وحين يستقر بك القلب في موطن القلب يستدعي الكاتب أهل المكان ..الأم بأهازيجها والأطفال بألعابهم وشيطنتهم والرجال بأغانيهم ومغانمهم ولا ينسى شيئا بالمرة ..لا ينسى حتى ما ينساه الجميع عادة ..لا ينسى المنبوذين والمهمشين والحشاشين والسكارى ومهابيل / حكماء المدينة..يؤرخ لهم بالاسم /بالأسماء الصريحة وبالكلمات الواضحة لأن الكلمات سلاحه لمقاومة النسيان والنبذ والتهميش..الكاتب يستعيد مجد المدينة كله ويستعيد طفولتها وتاريخها بكل عناصره ...لأنها طفولته وتاريخه وذاكرته...فكيف يذري مع الرماد بعضا من ذاكرته ؟... وهو في تماهيه معها يجعلها له أما و  حين يغادر فمن جسمها يخرج وحين يعود فإلى رحمها يعود ،
وكيف يغفل عن شيء أو ينساه ؟.. وهو كلما أعاد بناء المدينة  هربت منه... تهرب أحلام ويهرب سام ويهرب الأب ويهرب علي وربما حتى ولد الذين يهرب وعباس الحماس يهرب أو انه هو- أي الكاتب - الذي يهرب منهم جميعا ...وهو يحاول إعادة تجميعهم في مكان واحد وتوطينهم في الكتابة بعد أن أحرقتهم أحلامه ..أحرقتهم الأحلام وجعلتهم  أوراق  رماد .
هل يستعاد الرماد ؟
هل نعيد الحياة إلى ما كان ؟
وحين يعود وتعود إليه الحياة هل يكون فعلا كما كان؟
هل سيستعيد الأب كرامته والأم ابنها وعلي حياته وسام و أحلام ودنو......ووووووو ماذا سيصيرون غير ما كانوا عليه أو جرت به المقادير عليهم ؟
أية أمانة فكرية ومسؤولية أدبية وإبداعية إذا  أكثر من هذه التي يفتح رماد روايتها ويحرق أوراق أحلامها الكاتب المبدع محمد العتروس أمام أعيننا ؟ .
لقد اختار شخوص روايته بعناية فائقة و أجرى عليهم مقادير الحياة....تركهم يواجهون مصائرهم المتفردة دون أن يبدل أو يغير... فالحياة هي التي تبدل وتغير والتحولات المجتمعية هي التي تبدل وتغير ...الشخوص/الأشخاص هم أبناء التاريخ وليسو ا أبناء الخيال.. يصنعهم المجتمع ولا تصنعهم الكتابة...الكتابة مجرد شهادة.. الكاتب مجرد شاهد ...يشهد بالحق أو بالباطل على مصائر تعكس ما حصل لمجتمع  بأسره و لبلاد بأكملها  ...تحولات ما بعد الاستقلال....... أطفال ما بعد الاستقلال ....رجال الحاضر....أحلام الغبار والنار وأوراق الرماد.
...مصائر مأساوية لشخوص محبطة و لجيل محبط..اغتصب تاريخه و ديس على كرامته وكسرت مزهرية أيامه وأحلامه... وفاز الأنذال والجيف وباعة لحم الحمير  بالمدينة...  قطعوا أوصالها وتوزعوها كالغنيمة ......أولاد الذين.... الذين  لم يخوضوا حربا أبدا......
ما الفرق بين مصير سام لا لماني ومصير علي المعتقل السابق ؟
كلاهما اعتقل وكلاهما خرج  من السجن ..محبطا  بلا مستقبل وبلا أمل...وبلا خيار ....غير الهروب من البلاد أو الهروب من الضوء.
وحين سيقرر علي أخيرا الخروج من عزلته ومن غرفته ...هل يفعل ذلك إراديا رغبة في العيش والأنس وبحثا عن العشير ؟ ..أم يفعل ذلك لأنه لا يزال يحمل بذرة الأمل  ويحلم بالحياة ......وبمستقبل جديد ..؟
 ولماذا تمر السيارة الفارهة لعباس الحماس في الوقت الذي لا يريدها  أحد  أن تمر لتذكره بانتصار الأنذال على الرجال ؟
وهل كان هؤلاء الشخوص مجرد أطفال كبروا في غفلة من الزمن وقادتهم مصائرهم إلى مستقبل لم يختاروه ولم يصنعوه ؟ أم أنهم الأبطال الجدد للتحولات التي لحقت بلادهم من الاستقلال  حتى أوراق الرماد.....؟
أليست أوراق الرماد هي شهادة حياتهم الوحيدة و الحقيقية؟؟
أين الخاص وأين العام؟
أين الفرد وأين المجتمع؟
أين تنتهي المدينة وأين يبدأ الوطن ؟
هاهنا تتجلى  العبقرية الخاصة للمبدع محمد العتروس  وهو يشكل  البناء و يؤثث  الفضاء و يحرك  الشخوص .
 هاهنا حذق  الروائي وبراعة الكاتب .
كيف نكتب الحكاية ونصنع المعمار البديع؟
كيف ننهل من النبع السيال للغة؟
كيف نكتب رواية ناجحة ونضع بين يدي القارئ شهد العسل ؟
هذا ما قام به العتروس بكل جدارة وهو يقدم للقارئ المغربي والعربي روايته ...(أوراق الرماد )
ولعل من سينتهي من قراءتها سيشعر بنفس المتعة واللذة الغامرة التي شعرت بها وأنا  أعيد  قراءتها .
سيشعر بأنه  قد خرج لتوه من مرتع روض تفنن صاحبه في تنظيم أرجائه وتلوينه وتكوينه من أبهى ما بين جوانحه من حب للأرض وللأهل وللوطن الذي لا يترك في حلق أبنائه الخلص غير غصة ..تصعد وتهبط مع كل كلمة يقولونها أو حرف يكتبونه .
وكما تبقى بعد كل نزهة أنفاس الإنسان تحمل شذى وعطر المكان الذي مر به فان أوراق الرماد تبقى عالقة بالعقل والوجدان والذاكرة.
رائحة الناس ورائحة الأمكنة.
رائحة الماضي الذي يعيده الكاتب إلى الحياة لكي يسائل الحاضر:
ما الذي تغير ؟
وكيف تغير ما تغير...وسقط كل شيء ... ولم يبق  لأحمد غير أن يغادر مرة أخرى؟.
كثيرة هي الأعمال التي تناولت موضوع العودة إلى زمن مضى...فردوس مفقود..موطن..مكان ..بلدة أو مدينة ؛ مبدعون  يقودهم الشوق الجارف ويشدهم الحنين لاسترجاع ما كان أو فهم ما حصل لهم  ولأهلهم  ..ينظرون بعين الماضي إلى الحاضر ساخرين أو ثائرين أو ساخطين أو غاضبين أو متألمين أو متحسرين أو مجاهرين برفضهم لكل ما حصل ... أو فقط محبطين وخائبين وخائفين من مواجهة عالم لم يشاركوا في صنعه فأتى على خلاف توقعاتهم  ؛
لكنها قليلة تلك الأعمال التي تستطيع انجاز مهمتها فعلا فتشد القارئ إلى عوالمها وتحمله وهو يتابع مصائر الشخوص على الانتباه إلى أن الأمكنة التي ترتادها الرواية هي  الأمكنة نفسها التي كان يرتادها في طفولته  و أن  الشخوص الذين عبروا حياة الكاتب هم ا لشخوص /الأشخاص أنفسهم الذين عبروا حياته .. و أن  الكاتب نفسه ليس سوى القارئ وقد صار بطلا للحكاية بعد أن تملكها بفعل القراءة .....وأوراق الرماد واحدة من هذه الأعمال.
فتحية لأحمد وعلي والأحلام المشتركة
تحية لأحلام وهي تذري رماد الرسائل من فوق السطوح لتجعلها مشاعا بين أبناء المدينة /الوطن.
تحية للأب  للأم الصامتة..
تحية لسام لألماني
لكانوخ...وسيدي عبد السلام دنو ... وتحية أخرى للأحلام التي تستحق التحية...وعلى رأي أو شعر الشيخ اليونسي :
......................................................
واحدعطاه ربي يركد غ ف المطارح والريش
واحد عطاه ربي حتى اللوطو دار ليها عساس
واحد لبدا غريب ومودر في بلادات الناس
......................................................
ووحده عباس الحماس لا يستحق.. فأولاد الذين لا يستحقون غير مجد الجيف .
                    
          

2012 القنيطرة21/2/

مقطع من رواية " مرايـا" يصف مدينة: بركان


آذان المغرب يعلو من مكبرات الصوت المنبعثة من صوامع أحياء المدينة. يزحف الليل على مدينة بركان، وحركة بعض شوارعه تمدد النهار ولا تستسلم كما تفعل في فصل الشتاء. شارع ابن سينا - شارع الذهب أوشارع الحب كما تسميه الذاكرة الشعبية- مازال يغلي في هذا الوقت، يقـــاوم بالحركـــة أكثر. يفتح ذراعيــه للوافدين عليه، ويستقبلهم بسعة صدر. مقاهيه ماتزال ملأى بالزبائن وكذلك متاجره التي تباع فيها السلع المستهلكة في الحفلات والأعراس، تؤخر الإغلاق وتشارك في جلب المزيد من الحركة. ساحة "الطحطاحة" المتدفقة من حي العيون تدفع بالكثير من المارة إلى وسط المدينة، وتستقبل العائدين إلى منازلهم وهم كُثر. سيدي سليمان وحي حمزة وحي المقاومة وبايو، أحياء تستعيد سكينة الليل فلا تقاوم بالحركة. تستسلم للراحة بوتيرة أسرع.
حي بوهديلة -أبوهذيلة- :البوابة المطلة على حقول الليمون للسليمانية، مداغ ،شراعة... والمنفذ الرئيس إلى شاطئ رأس الماء يستقبل الشاحنات والعربات المجرورة بالجرارات، ينزل منها العمال المياومون العائدون من حقول الضواحي فرقا ومجموعات غير متساوية العدد. تقف كل مجموعة بجانب العربة أو الشاحنة التي أقلّتها تنتظر أجور يومها ومصير غدها.
بجانب العربة المجرورة، وقف بوعمامة ورفاقه ملتفين حول ربّ المزرعة، عيونهم محدّقة في وجهه وحركاته، متطلعين إلى ما سيقرر. يتسع الأمل في النفوس للفوز بيوم آخر من العمل ثم يخفق. يسرّح الفلاح بعضهم، فيؤدي لهم أجورهم وعبارات تتردد:
- "أسمحنا في عذابك  أسيدي. سامحينا في عذابك آلالة".
- الله يخلف. .الله يخلف..الله يخلف...
وللذين لم يسرّحهم يضرب موعدا في البوابة عند طلوع الفجر. ينتشرون في الأرض، تسوقهم إلى بيوتهم خطوات متثاقلة متهالكة، يساومهم النوم في الطريق من شدّة التعب. رؤوس بعضهم مازالت مشدودة بخرق مبللة، عُوّمت في ماء ساقية ملوية مرات عدّة. تعفنت رائحتها بالعرق المتدفق منذ الصباح. أحذية روائحها نتنت من كثرة العفسّ بين الأشجار وعلى مجاري المياه والأتربة. بطون ملتوية بجوع آخر النهار وتعبه، طوفوا حولها أقمصة في الصباح، وثبتوها على سرّاتهم في المساء.
تتسلل إلى نفوس بعضهم فرحة فاترة بكسب يومهم، وبزاد من الغلة التي قطفوها في جرابهم. وفرحة زائدة سرت عند المحتفظ بهم ليوم آخرمن العمل سيشتغلونه في المزرعة. تكسّر طعم النشوة الفاترة سيارات متطايرة في البوابة، فاتنة ألوانها، تنوعت أجناسها: منها الداخلية والخارجية، تصدح منها الموسيقىالصاخبة، تقزز خواطرالبعض وتدغدغ خواطر البعض الآخر.
على لوحاتها المتنوعة يقرأ بوعمامة كفّ كسبه وآماله. تتبدد فاق كل أمل في ذهنه. تنغلق أساريره ولا تنفتح له شهية العمل ليوم غده. يلوّح بعينيه خلف البحر. ينظر إلى السماء. يطأطئ رأسه. يركل برجله في الهواء، ثم يستسلم للمشي منقادا غير معاند، تجرّه إلى بيته طريقه التي ألفتها رجلاه. لسانه يتحرك في فمه، يلعن السيارات وضوضاءها في صمت.

                         مصطفى شعبان
 كاتب مغربي مقيم في باريس.

 رواية :  مرايــــــــــا
 ص :71-72



20/02/2012

العجوز والشخص الغريب


 في منطقة نائية، ظهر فجأة في سوق أسبوعي شخص غريب رفقة ابنه.. سرقا الأنظار بحلتيهما البهيتين أثناء تجوالهما.. حيث ما مرا، كانت منهما  تفوح رائحة الخزامى.. لم تكن بادية عليهما وعثاء السفر، كأنهما نزلا من السماء.. وفي الوقت الذي كان فيه الأب هادئا، كان الاضطراب باديا على الابن الصغير،  المحتمي بوالده والماسك بتلابيبه.. كان الناس يفسحون لهما الطريق.. وحين دخلا إحدى المقاهي الشعبية، فرّش لهما صاحبها الفُرُشَ وبسط أمامهما السُفْرَةَ وجاءهما بالشواء والشاي.. لم تمتد  أيديهما إلى الطعام.. ولم يكلما  أحدا..
تحلق الناس  حولهما، مبهورين  بطلعتهما البهية.. كل من كان قد رآهما، يترك ما بيده من أمور التجارة والصناعة، ويتبعهما مسحورا، حتى تعطل السوق نهائيا.. وسكت الباعة عن الصياح.. فقط ، كانت  الحمير تنهق بقوة نهيقا غير عاد، وتعضّ وترفس كل من اقترب منها، حيوانا كان أو إنسانا..
في غمرة هذا الاحتفال غير المعلن، نطـّت من وسط القوم عجوز، واتجهت مباشرة إلى القاعدين أمام الجموع.. حين رآها الشخص قفز من مكانه وقـبـّل رأسها وأجلسها قربه.. وبإشارة من يده، أمر القوم بالانصراف، فانصرفوا.. ودار حديث خافت  بين الاثنين.. وحتى أولائك الذين كانوا وراء الخيمة يسترقون السمع، لم يسمعوا شيئا.. سمعوا وشوشات امتدّت إلى الزوال.. إلى وقت انفضاض سوق البادية ذاك..
 خرجت العجوز من الخيمة، وفي أثرها الشخص وابنه.. وشقـّوا الطريق الجنوبي عكس الطريق الشمالي الذي يأتي منه "السوّاقة، وأعين الناس مشدودة إليهم حتى اختفوا وراء التل.. انتبه الباعة إلى أنفسهم وتجارتهم، فوجدوا أن الحيوانات أكلت الخضار والفواكه واللحوم وأتلفت بقية السلع الأخرى في غفلتهم الطويلة تلك..

لمّا عاد"السوّاقة" إلى دواويرهم، كان كل سمرهم يدور حول  ما وقع يوم السوق، حول الشخص الصافي البشرة، الأزرق العينين، الأحمر الوجنتين، الفاحم الشعر، وابنه الصغير الذي كان  صورة مصغرة منه.. قال أحد القرويين:
-"عطسه من منخاره"..

ومن يوم السوق ذاك، أصبحت للعجوز قيمة عند أهل الدواوير.. فهي من قام إليها القادم الغريب وقبـّل رأسها وجالسها ساعات عدة.. لعلها أخذت من بركته  وامتلأت بسره، فما أسعدها وأسعد  الدواوير بها !!.
كان القوم يولِمونَ، ويصرّون عليها في الحضور، ويرجونها أن تحدثهم عن الغريب، فكانت ترفض..

***

كان قد ساد بين أبناء الدواوير وفاق تام حول الماء والعشب.. وسادت في المنطقة  فترة جميلة  من السلم والأمن.. أعقبها ازدهار في الحرف والتجارة والفلاحة أغاض ذلك الشخص، فقام بتلك الرحلة، وكانت قد سقطت من يده كل الحيل للإيقاع بالقوم والعودة بهم إلى التطاحن، فما كان منه إلا المجيء إلى السوق في تلك الصورة البهية، والالتقاء بتلك العجوز دون غيرها.. كان يعلم بذلك الغّل الذي تحمله لسكان الدواوير بعد مقتل زوجها وأولادها الثلاثة في معركة مجنونة.. امتدت من صباح يوم مشئوم حتى ليله.. سالت فيها دماء غزيرة.
قبل يوم السوق، كان الشخص قد زارها ليلا في خربتها، وطرح عليها أمر إعادة القوم إلى سالف عهدهم من التطاحن والخسران.. وجدت في طلبه غاية انتقامها، وأقسمت له بأغلظ الأيمان أن تكون عند حسن ظنه بها، لكن بشرط أن يعيد لها اعتبارها بين القوم.. وذلك ما فعل يوم السوق..
 سألها كالأبله كيف ستنفذ الأمر.. نهرته بشدّة قائلة:
-" شوفْ واسكتْ !!"
ردّ بخضوع:
- سمعا وطاعة يا أمي.

مرت العجوز إلى مرحلة التنفيذ.. واختارت لذلك، زوجة أحد أبناء الأعيان.. زارتها في منزلها، وطلبت منها أن تصنع لها "كسكسا" بالحمص والزبيب، ففعلت المرأة فرحة بهذا التشريف.. وقبل تناول الطعام، طلبت العجوز منها أن تأتيها بملعقتين.. وبدأت تأكل بهما من موضعين متباعدين في الصحن أمام استغراب المرأة.. دخل الزوج وسلم على العجوز ورحب بها..
ضيقت العجوز  من عينيها العمشاوين  ورفعتهما إلى الزوج سائلة  زوجته:
- أهذا الذي كان يأكل معنا قبل قليل؟!

***

تحولت إجابة السؤال إلى ما كان يبتغيه الشخص الغريب.. سالت دماء غزيرة بين الأحلاف، وعاد التطاحن..

 رقص الشخص الغريب، وأمر ابنه بالرقص.. ومن فرحه، أهدى للعجوز منديلا من الحرير الخالص.. طرق بابها، وتراجع عدة خطوات، ومدّه إليها الهدية بعد أن عقدها في طرف قصبة طويلة.. ضحكت العجوز ملأ شدقيها، وسألته سؤالا استنكاريا:
-أتهدى الهدايا بهذه الطريقة؟
ردّ باسما:
- الاحتراس واجب.
- الاحتراس من ماذا؟!
- من القـُمْقُم..

محمد مباركي

الأستاذ محمد مباركي ¤ لقطة في بركان

© Yamal

16/02/2012

ربيع الفتى الحالم




1

أنا أكدس الأحزان
جَبَلًا جَبَلًا
وَلا أجد صرخة على اللسان 
أشْهِرُها في وَجْهِ الظّالِم
كي يرحل إلى منفاه و ينام قرير العين
و لو ليلة واحدة بلا صولجان
بلا عسس و لا قيان

2

أطمَحُ أحْيانًا أن أنتمي إليك
يا بحراً بلا مد و لا جزر 
فأنا كالجَميعِ قطرة ماء 
وَكَالجَميعِ عَظيمٌ
لَنْ أَيْأَسَ حتى أَرْذَل العُمْر
فأنا ابنُ أمّةٍ
كَالماء قد تنام قرونا 
و تسكر من فرط نشوتها
و حين يحين فجر صحوتها
تخر الأصنام
تحت وطأتها
تعلو هامة البحر
و يبتسم الغمام 


أطير كَالفراش بَطيئًا
عَلى الضِّفاف 
لكنَّني عَلى الأقلِّ أحلق 
وَأَتَمَلَّى ما أَرى
فَلماذا أَنتُم واقِفون
تَنْتِظرونَ وجع الولادة 
وتتعوذون من شر الفتن؟  

4

لَن يَبْقَ مِنْ كتابي سِوى الحِبْر
ومن شعري غير كلمات
عن الموت و الميلاد
ومن أرضي غير شذا  الجلّنار
ما دامَ جَسَدي إلى زَوال
لَنْ أَحْزَن إِنْ لم يضعوا شاهداًعلى قبري 
ولم يحضروا الصلاة 
فهم لا يذكرون غير صنائع الطغاة
الَّذين في حياتِهم ما حملوا سيفا 
ما امْتَطوا صَهْوَةَ حِصان
ما عشقوا لونا 
غير بريق الأرجوان

الحسن رزوقي


بركان 23.01.2012


الشاعر الحسن رزوقي ¤ بركان

© Yamal

14/02/2012

ديهيا دورية ثقافية من بركان

ديهيا
دورية ثقافية
العدد الأول ¤ شتاء 2012
المدير المسؤول و رئيس التحرير : محمد العتروس
الإشراف الفني : عبد الحفيظ مديوني



أقدم المبدع محمد العتروس، من بركان، على إصدار مجلة فصلية ثقافية تحمل اسم ديهيا  وقد تضمن عددها الأول ¤ شتاء 2012 ما له علاقة بالدراسة و النقد الأدبيين، و ما له علاقة بالتشكيل، و الإبداع الأدبي : قصة، شعر فصيح، زجل، فضلاً عن متابعة الأنشطة الثقافية و بخاصة ما هو محليّ منها . كما حمل غلافها الأمامي صورة لوحة من إنجاز الفنان عبد الحفيظ مديوني الذي يشرف فنيّاً على هذه المجلة الجديدة التي نتمنى لها التوفيق و الاستمرارية حتى تحقيق ما سطرته من أهداف ثقافية نبيلة 

12/02/2012

حوار مع الروائي عبد الباسط زخنيني


يسر مدونة البستان الشرقي أن تفتتح حواراتها بحوار  مع المبدع الموهوب، الروائي الواعد : عبد الباسط زخنيني، متمنية لزوارها قضاء لحظات ممتعة معه 
  

السؤال الأول :

 شكراً للأخ المبدع عبد الباسط على قبول إجراء هذا الحوار . بداية حبذا لو قدمت لزوار مدونة البستان الشرقي نبذة عن حياتك

أنا من يتوجب عليه الشكر ..شكراً لكم
عبد الباسط زخنيني من مواليد سنة  1978 بالسليمانية, في ضواحي مدينة بركان. حاصل على البكالوريا سنة 1997 تخصص آداب عصرية, حاصل على بكالوريا حرة بنفس الشعبة في سنة 2001 , حاصل على الإجازة في اللغة الفرنسية و آدابها تخصص آداب سنة 2005 . يعمل حاليا أستاذاً للتعليم الابتدائي . له روايتان صادرتان حتى الآن : نعمة الأشقياء و روح شردتها الرياح, و اثنتان أخريان في طور المعالجة .

السؤال الثاني :

صدّرت بعض مقاطع روايتك روح شردتها الرياح بأقوال لأدباء يكتبون بالفرنسية كإدريس شرايبي و لاروشفوكو ... ما علاقتك بالأدب الفرنكوفوني؟

الأدب الفرنكوفوني , بالنسبة الي, هو البوابة التي دخلت منها على ألأدب, خاصة,  الكتابات المغاربية في هذا المجال , و ما ساعدني في 
 ذلك هو دراساتي الجامعية. طبعا كانت لي ميول أدبية قبلهذه الفترة, لكن مع اطلاعي على الأدب الفرنكوفوني يمكنني أن أتحدث عن مرحلة تقعيد, هنا بدأت أضع اللبنات, و هنا أخدت أرصصها الواحدة بجانب الأخرى.  إدريس شرايبي كان نقطة تحول في مساري, كنت ألتهم رواياته بنهم, أتابعها كالمهووس : الماضي البسيط, خلافة مفتوحة, أم الربيع, ولادة في الفجر ... بعدها أردت أن أوسع حقل رِؤيتي, لم يعد الأدب الفرنكوفوني وحده يكفيني, أردت أن أطلع على أدب العالم بإسرههكذا امتدت يدي الى الأدب العربي, و بعدها الى أعمال باولو كويلهو, غابرييل غارسيا ماركيز, جاستن غردر, جورج أمادو, كونديرا, وي هيوي ...

السؤال الثالث :

 كنت غارقاً في أحلامي و خواطري، و احتفظت بالقلم كآخر ورقة و أربحها لا محالة، فقد صدقته شعوري فصدقني عبراته، زوجته نفسي فقبل بزيجتي  ... أقسمت له أن لن أخلو سبيله، فأقسم لي أن لن يبرح روحي  إلاّ إذا خرجت من هذه الدار محمولاً على آلة حدباء لا مناص للآدمي منها
 نعمة الأشقياء ص :9
هل الكتابة، بالنسبة اليك، ضرورة ؟

لا, الكتابة بالنسبة إليّ ليست ضرورة,  إنها أكثر من ضرورة, هي في الواقع صك أتصالح به مع نفسي .. لا أستطيع أن أحتمل نفسي دون أن أكتب, لا أرى عقارا آخر غير القلم أسكت به هذه النفس ...

السؤال الرابع :

 أنجزت بحث نيل الإجازة في اللغة الفرنسية عن التقنيات الروائية من خلال أعمال إدريس  شرايبي و الطاهر بنجلون ... ما رأيك في التقنيات الموظفة في الرواية العربية المعاصرة، حسب مطالعاتك؟

عندما نتحدث عن الرواية يجب أن نميز بين الرواية و الرواية الجديدة     nouveau roman, مع هذه الرواية الجديدة التي سجلت دخولها لحقل الأدب مع خمسينيات القرن المنصرم, على ما أظن , وقعت خلخلة في بنيات هذا الفن و أهدافه, المواضيع المتطرق إليها و الجانب الفني  لهذا الجنس الأدبي, في هذا الجانب الفني يمكننا أن نتحدث عن تقنيات الكتابة.  بدءً من هذا التاريخ أصبح العالم كله يفور, تحولات تدريجية عرفتها الرواية, أمام هذا الزخم, أمام هذه الحركية لم يعد متاحا للرواية العربية أن تبقى مكتوفة الأيدي, و  هذا  ما حدث حقا. تحركت أقلام المبدعين لتصب في  هذا  الجانب. أصبحنا نرى أشياء جديدة لم تخطر ببالنا أبدا. عبد الرحمن منيف التجأ إلى ازدواجية الراوي في شرق المتوسط و الأشجار و اغتيال مرزوق, في حين  ذهب  بهاء طاهر إلى تعدد الرواة, كل شخصية تتحدث  عن نفسها بنفسها في واحة الغروب. أما علاء الأسواني فاختار تعدد الأبطال متخطيا  بذلك فكرة البطل الواحد, البطل الباني, النبيل التي كانت سائدة في الرواية الكلاسيكية . خالد الخميسي أعطى مساحة واسعة للهجة المصرية حتى أصبحت أعماله نصوصا كاملة بالدارجة المصرية تتخللها مقاطع بالفصحى . أحمد مراد أصبح يلعب بالزمان و المكان بحرية أكبر, و كأنها تحركات كاميرا إلى الأمام و  إلى الوراء في فيلم سينمائي مطول, مستفيدا من خبرته في هذا المجال. و رجاء عبد الله الصانع الكاتبة السعودية الواعدة أقحمت تقنيات الشبكة العنكبوتية في روايتها بنات الرياض التي هي عبارة عن إيميلات تلاحق سيرة أربعة فتيات سعوديات, منتقدة بذلك المجتمع السعودي ذا الديكور المؤثث  جيداً من الخارج و المنخور من الداخل و خاصة فيما يتعلق بتعامله مع المرأة .. و هناك أمثلة كثيرة أخرى ... ما أردت قوله هو أن هناك تجاوبا للرواية العربية مع نداء نظيراتها من باقي اصقاع العالم فيما يخص تقنيات الكتابة 

السؤال الخامس :


 ورد في منجزك الروائي ما يشي بشاعريتك : عيون رشيدة لن تعود . (نعمة الأشقياء ، ص : 30) و احترق وقود الروح (روح شردتها الرياح . ص :109) ... فما الشعر الذي يستهويك ؟

قبل أن أنحاز الى الرواية كنت أكتب الشعر, لم أقل كنت شاعرا لأن  هذه  الكلمة ترهبني, فأن تجد نفسك أمام ركام تاريخي هائل في ه هذا  الصدد تحس نفسك صغيرا و صغيرا جدا حتى انك تراقب كل   كلمة  تصدر عنك بدقة , علك تسيىء إلى أحد دون أن تعمد إلى ذلك. لا أريد  بهذا  أن أحتقر أعمال مبدعينا في هذا الجانب , لا , أبدا, أكثر من  ذلك فأنا أشد على أيديهم, لأنهم حقا قدموا الشيء الكثير للشعر  و أثروا مكتباتنا بمنجزاتهم الرائعة.
عندما بدأت أكتب الشعر, طبعا و كغالبية من يلج هدا الميدان, كان يستهويني الشعر الرومنسي, بعدها تعلقت بالتيار العبثي , و الآن أجد نفسي مشدودا أكثر بشعر المقاومة : أعمال أحمدمطر و محمود درويش, و خاصة كتابات مظفر النواب

السؤال السادس :

أحب بركان، أحب  هذه المدينة لأنها منطوية على أسرارها، أحب خضرة منظرها  ووفرة خيراتها و نقاء هوائها ... و قبل هذا كله أحبها لأنها منبتي و مسقط رأسي .  نعمة الأشقياء ص : 42
 قد بدأت مدينتنا الزراعية تتململ ثقافيا ... فما رأي المبدع عبد الباسط في ما أنجزه أبناء بركان من روايات؟

حتى أكون صادقا فأنا لم أطلع على الكثير من روايات أبناء مدينتي العزيزة, و هذا أعتبره تقصيرا من جانبي ألوم نفسي عليه, لكن في  ذلك الشيء القليل الذي قرأته : أوراق الرماد لمحمد العتروس, أمواج الروح و مرايا لمصطفى شعبان, بعض أعمال محمد برمضان , و أعمال أخرى لمست أن هناك صنعة, هناك تمكن من آليات و دواليب تحرك 
هذا الفن , و هناك رسائل واضحة تبعثها هذه النصوص تنتظر آذاناً 
  تلتقطها و تعيها.. و هذا شيء جيد أتمنى أن يسير في خط تصاعدي كما و شكلا.


السؤال السابع :

 ما هي هواياتك بعيداً عن مجال الكتابة؟

 إضافة إلى الآداب أحب السينما لكن كمتلق , وأحب الموسيقى, لكن هذه المرة كفاعل و متلق و ذلك أني أدرس الموسيقى تخصص آلة العود ..  أحب هذه الآلة و إن كنت أتقدم بوتيرة ثقيلة متعثرة

الروائي عبد الباسط زخنيني ¤ بركان
©Yamal

نعمة الأشقياء
رواية
عبد الباسط زخنيني
الطبعة الأولى 2007
 مطبعة الجسور ¤  وجدة


روح شردتها الرياح
 رواية 
عبد الباسط زخنيني
جائزة
2M
الأولى للإبداع الأدبي 
المنشورات الثانية 2007/2008


مدوّنة البستان الشرقي إذ تجدّد الشكر للمبدع عبد الباسط زخنيني ، تتمنى له التوفيق في مسيرته الإبداعية، كما تتمنى أن تتوفر نسخ من  روايتيه في مدينة بركان و وجدة والشرق عموماً، حتّى يتمكن القراء من التعرف إلى تجربته السردية الواعدة

أعد الحوار جمال الخلادي