14/06/2012

قراءة في المجموعة القصصية : الشيخ قارون


مقدمة:
أول ما تستقبلك به المجموعة القصصية "الشيخ قارون" هو التنويه إلى عدم الخلط بين شخصيات المجموعة التي تكتسي طابع خياليا
و شخصيات واقعية حقيقية. و التنويه لغة هو الدعوة بصوت مرتفع بما يجعله يرادف التحذير. و مثل هذا التنويه يوحي بأن المجموعة تتضمن فاكهة محرمة ينبغي إحاطتها بسياج متين يحظر كل قراءة آثمة من انتهاكها.
  و الحال أن هذا التنويه أشبه بما يوضع على ملصقات نوع من الأفلام من منع يخص الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر سنة. بيد أن هذا المنع يصبح عمليا إغراء بالإقدام على مشاهدة ما يقع عليه المنع بالذات. و هكذا يصير التنويه الذي يتصدر المجموعة إغراء بالبحث في ملامح شخصياتها عما يوازيها في الواقع من شخصيات حقيقية. يصير هذا التنويه إذن دعوة صريحة إلى اقتراف نميمة أدبية يلتبس فيها الواقع بالخيال، فيصير من ثم اثر التحذير عكسيا أي فاقدا لكل مبرر يستدعي وجوده لا سيما أنه يحمل في طياته تمثلا استصغاريا لقدرة القارئ على التمييز بين الواقع و الخيال. غير أنه يقوم من وجه آخر كمؤشر على أن ما سيأتي من نصوص سيتخذ منحى واقعيا مباشرا.
  قراءتي لهذه المجموعة التي تضم اثنتي عشر قصة، لن تنطلق من "عراء موقفي" و لكنها لا تدعي أنها ملزمة بصرامة نقدية منهجية. فلن تعدو أن تكون حوارا مع نصوص المجموعة و تفاعلا معها استلطافا
 و استهجانا.
 سأحاول من خلالها إظهار الرؤية الشاملة التي تثوي في ثنايا نصوص المجموعة التي تقوم، من هذا المنظور، كرؤى جزئية يمكن تركيبها في إطار بنية أكثر شمولية. و ليس ثمة بد من التأكيد على أن الأمر هنا يتعلق "بالرؤية كما يعبر عنها في بنية العمل ذاته، و ليس انطلاقا من مخططات الكاتب الواعية أو من الفكرة التي يكونها عن كتاباته الشخصية" (مفاهيم نقد الرواية بالمغرب، فاطمة الزهراء أزرويل، ص:173)
سيتم التعامل مع هذه نصوص هذه المجموعة كأثر أدبي تساهم في بنائه مجموعة من العناصر. لذلك لا بد للكشف عن الخيط الرابط الذي تأتلف حوله هذه النصوص من رصد تقنيات الكتابة التي اعتمدها الكاتب في نسج  قصصه و الأغراض التي اصطفى لها.
1) الدوران مع حركة الشمس:
من أين يبدأ الحكي في نصوص هذه المجموعة؟
سيكتشف قارئ هذه المجموعة أن نصوصها تبدأ فيما يشبه طقسا ثابتا  بمقدمات  متشابهة حيث يبزغ النص مع بزوغ الشمس.
تحضر هذه التقنية (التي يمكن أن نطلق عليها اسم "بزوغ النص مع بزوغ الشمس") في أغلب النصوص مع تفاوت بسيط بينها على نحو ما يلي:
1-  الشيخ قارون:"و ذهبت مبكرا إلى المسجد العتيق لأحضر درس العالم العلامة..."
2-  ليندا: "تستيقظ كسلانة و متأخرة كعادتها.."
3-  اختراع: يبدأ الحكي فعلا في هذا النص بعد تقديم وصفي قصير لحالة الطقس بما يلي:" استيقظت باكرا كما تعاهدنا.."
4-  الحلاق: " من عادتي ألا أغادر البيت قبل أن أتناول فطوري، و لا دون حلق ذقني، ذلك هو دأبي منذ نعومة أظافري و منذ رهافة صغري و منذ رهافة زغبي. غير أنه في ذلك اليوم أيام دجنبر الباردة الشاحبة و المقتضبة حصل العكس فقررت أن أتناول فطوري خارج البيت" أي في الصباح الباكر ...
5-  بهاء: استيقظت بهاء صباح اليوم الذي تلا العاصفة متثاقلة..."
6-  حظ سعيد: بعد وصف قصير لحالة الجو و الزقاق و البيوت و الناس يبدأ النص كما يلي:" هذا الصباح الحالك و هو في طريقه إلى حيث أمرته أمه.."
7-  وميض: "استيقظت وميض استيقاظ المقبل على الحياة.."
 هكذا تتواتر هذه التقنية في سبعة نصوص من أصل اثني عشر  في انسياق مع الحركة الفلكية للشمس بما يؤدي إلى استنتاج أن العالم الذي الذي يسود في هذه النصوص هو عالم نهاري صريح و مباشر ليس فيه ما هو جدير بالستر و الإخفاء، بينما يغيب فيه الليل بما يتحرك فيه من أطياف و أشباح و ما يكتنفه من رعب و خوف و ما يحف به من أخيلة وشكوك. 
 إذا كانت هذه النصوص تبدأ على هذا النحو فكيف تنتهي؟
  يبدأ الحكي في كافة النصوص رتيبا في حركة زمنية خطية لا تراجع فيها و لا وقوف لينتهي بعبرة و موعظة تشبه المغيب أي بما يدعو للتوبة و المآب في انتظار عودة الصباح و في حركة  دائرية تتكرر فيها البدايات و المواعظ و العبر.و للاستدلال على هذا أقدم ألأمثلة التالية:
ü   القصة التي تحمل عنوان الشيخ قارون تنتهي بالدعوة إلى تقوى الله و الحذر "من زخرف الدنيا و من ملذاتها الفانية"
ü  الأب العجوز تنتهي بالتحذير من مساوئ الخمرة.
ü  المتسول تنتهي بالتنويه بمحاسن الصدقة.
ü   ليندا تنتهي بإبراز العواقب الوخيمة لعقوق الوالدين.
ü   حظ سعيد تنتهي بإظهارالنتائج العمياء للإرهاب في البلدان العربية الإسلامية (اغتيال الأطفال).
ü  وميض تنتهي بالانبهار بنتائج العمليات الاستشهادية أو الإرهابية  في إسرائيل وسط المدنيين.

2) أنا يحكي:
  يتواتر استخدام ضمير المتكلم في اغلب نصوص المجموعة بما ينسجم مع نسق السرد الذي "يعتمد على فاعلية العين الرائية (الفوتوغرافية) حيث تقترب الكتابة القصصية من الكتابة السينمائية، و تغدو اللغة وصفية إخبارية، في الدرجة الأولى. و يحضر القاص عبر هذا المنهج، راويا
و محورا" (نجيب العوفي/ الكرمل 8/1982)
"لكن واقعية الضمير التي انطبعت بها جل [نصوص هذه المجموعة] تقنع و تكتفي بتصوير الواقع بما هو عليه، مضافا إليه بعض "النوايا" الشخصية الحسنة " (العوفي، المرجع نفسه أعلاه).
 في النسق السردي الذي يتحكم في هذه النصوص «تتحد الذاكرة و المخيلة في مجرى و قناة واحدة تقود نحو المرئي المباشر" (أحمد المديني، آفاق 5/1980). أما اللغة التي يتشكل بها هذا النسق فهي تجنح بصورة عامة إلى أن تكون غاية في حد ذاتها بدلا من أن تكون في خدمة الحكي داخل هذه النصوص. لذلك تكاد هذه المجموعة أن تنسلخ عن السياق الفني الحالي لتعود إلى سياقات فنية سابقة.



3)  شخصيات هامشية:
عمن تحكي هذه النصوص؟
يلاحظ فرانك أوكونور في كتابه "الصوت المتفرد" أن القصة القصيرة خلافا للرواية، "لم يكن لها بطل على الإطلاق و إنما لها – بدلا من ذلك- جماعة خاصة معزولة لها مزاجها الذي يميزها عن غيرها" (ص7) يطلق عليها اسم "الجماعات المغمورة" و يمثل لذلك بمجموعة من القصاصين الذين اشتهروا باهتماماتهم الخاصة بفئات اجتماعية محددة، فقد اهتم غوغول في أعماله الأدبية على نحو خاص بفئة الموظفين و اهتم  موباسان بفئة البغايا و تشيكوف بالأطباء و المدرسين. فبأي فئة يهتم كاتب هذه المجموعة على وجه الخصوص؟
لا تكاد شخصيات هذه المجموعة و المجموعة السابقة "لعنة باخوس" أيضا تنفلت من عداد الفئات الهامشية التي تعاني من شتى الضغوط الاجتماعية التي تتكون من المدرسين و المتسولين و الأطفال و الفقهاء. و لكن إذا كان بالإمكان التعرف على هذه الشخصيات من خلال الأسماء و الأوصاف التي يقدمها القاص عنها، فهل نجح في النفاذ إلى معاناتها
و رصد مشاكلها الحقيقية؟
  تقتضي الإجابة على هذا السؤال عرض المواضيع التي تناولها القاص في نصوصه. و في سبيل ذلك أقدم الأمثلة التالية:
ü  قصة الشيخ قارون موضوعها أخلاقي يتعلق بالنفاق و مخالفة القول للعمل.
ü  الأب العجوز موضوعها أخلاقي يتعلق بأضرار الخمرة.
ü  ليندا: عقوق الوالدين
ü  اختراع: الرفق بالحيوان
ü  درس في التربية التشكيلية: موضوعها قومي يتعلق برئيس دولة عربية.
و باقي النصوص تتراوح بين المواضيع الأخلاقية و القومية العامة. فهل بمثل هذه المواضيع يستقصى الواقع المعيش و ما يعتمل فيه من عوالم مضمرة و مغيبة؟
لا شك أن قارئ هذه المجموعة سيلاحظ غياب السياق المحلي و الوطني الراهن سياسيا و اجتماعيا و فلسفيا و فنيا عن هذه النصوص إذ أنه سيلاحظ غياب تفاعلها مع ما يزخر به هذا السياق من أحداث و متغيرات و مشاكل، فلا وجود لنضال و لا نقابة و لا مظاهرة و لا إضرابات و لا سجون و لا سجال فكري فلسفي و لا قمع سياسي و لا حب و لا عشق
و لا عجب و لا غرابة و لا قلق  و لا خوف و لا سخط و لا كراهية...
لا يمكن تفسير هذا الغياب سوى بالرؤية الشاملة الثاوية بين طيات هذه النصوص و التي تحددها مختلف العناصر المتدخلة في بناء هذه النصوص نفسها. تقوم هذه الرؤية في شكل محافظ يستند إلى مرجعية دينية واضحة و هي تتميز باستسلامها للواقع الذي يبدو في امتداد نظرها واقعا ثابتا لا ضرورة لتغييره، هي إذن رؤية مطمئنة متوحدة لا سبيل للقلق و الغضب و الدهشة إليها.
بيد أن هذه الرؤية الدينية المحافظة لا تكاد تنجو من مآزق من حيث عجزها عن بناء نصوص متحررة يستوي فيها الإبداع معيارا أوحد. تشكل القصتان حظ سعيد و وميض مثالا صارخا لذلك المأزق، ففي حظ سعيد يدان الإرهاب الذي لا تحدد القصة هويته فهو غفل بدون أي هوية دينية أو سياسية لأنه يحدث في بلد يرجح من خلال اسم الطفل سعيد أنه بلد عربي يعيش فيه المسلمون.و لكن في قصة وميض تنقلب هذه الرؤية على نفسها فتجيز العمل الإرهابي الذي تتحدد هذه المرة هويته الإسلامية (وميض: توضأت و تطهرت من كل رجس و دنس و تلفعت بالبياض و قامت فصلت ابتهلت ، تضرعت سبحت و ذكرت ربها..) دون الشعور بأي أسف على ما سيحصد هذا العمل من مدنيين في إسرائيل التي يعيش فيها أيضا عرب مسلمون ; (يمثل عرب إسرائيل ما يقارب 20% من سكان إسرائيل قد يكون الطفل سعيد واحدا منهم مادام البلد الذي ينتمي إليه غير محدد في النص "حظ سعيد" ). و الملفت في هذه القصة وميض التي تمتد على صفحتين و نصف التكرار لوصف الإسرائيليين بالقردة
و الخنازير 6 مرات على نحو يوحي بأن لتكرار الكلام  أثراً سحريّاً من شانه أن يؤدي إلى هزيمة العدو الصهيوني.
كما يتجلى مأزق هذه الرؤية في قصة الشيخ قارون التي تقوم على التوازي بين الشيخ الخطيب و قارون. بيد أن القصة اصطدمت بالأفق المسدود لهذه المقارنة فقارون خسف الله به الأرض عقابا له على تكبره و بطره و بغيه، فهل سيخسف الله الأرض بالشيخ الذي يدعو الناس للزهد بينما هو يرفل في النعم.  لذلك سيكتفي الراوي بالدعوة إلى اجتناب الحسد و الالتزام بتقوى الله دون أن يبلغ به ما لاحظه من نفاق في خطبة الشيخ  حد الدعاء  عليه بالثبور و الخسران.


                                     

          بركان في: 07/06/2012   

إنجاز: الجيلالي عشي


دراسة لرواية "جدار" : مرافعة ضد ما يحجز إنسانية الإنسان

  
العتبات الموحية:
الصورة: جدار صغير يفصح عما وراءه أكثر مما يفصح عما دونه... وفي ذلك إيحاء بالوظيفة القدحية للجدار المعنوي .
العنوان:
جدار، جمع جدر وجدران وهو الحائط أو الفاصل ويفيد معنى الحجز سواء كان ماديا او معنويا فيقال:‘‘ بينهما جدار من الخصام والحقد‘‘  ويقال:‘‘ جدر الرجل إذا توارى‘‘
وقد ورد الجدار غير معرف مما يفيد الجزء من الكل بمعنى أن الأمر يتعلق بجدار من بين جدران لا حصر لعددها. ولكنه ليس أي جدار إنه جدار السي احمد الذي تمحورت حوله كل حياته بأفراحها وأحزانها . لكل منا جداره الخاص فمنا من هو مسكون بجدار الصمت ومنا من هو مسكون بجدار الحقد، أو الميز، أو الفقر... فما هي خصائص جدار أو جدار سي  احمد؟ وما نوعها أو أنواعها؟

يقول في الصفحة 11:‘‘ وتذكرت مكانا أكرهه. كان هو ‘‘الجدار‘‘ الملعون شق صدر منزلنا العتيق نصفين متساويين....حجب الملعون عني الوجه الملائكي لفاطمة الصغيرة، بنت عمي...بنوه من الحجر الصلد، ليعمر أجيالا. هذا ما قالوه في معركة انخرط الكبار تحت أنظار الصغار القلقة والسبب، تفاهات عرت قصر عقولهم المحمومة بالحقد الدفين أدهشتها نحن الصغار.
رصصوه بالإسمنت المسلح والخرسانة. بنوه عاليا تعدى سطح المنزل العتيق، وغرسوا في أعلاه شظايا الزجاج الأبيض والأخضر والأحمر. وما عاد منزلنا العتيق كما كان. حولوه إلى سجن بعنبرين.ص15
الجدران معرة الأشقاء، أينما بنيت حولت البيوت العريقة إلى سجون. ص88
أيها الجدار الملعون تحولت إلى هم أبدي. حمل والدي عصبك إلى مثواه الأخير، واعيش أنا خزيك لحظة بلحظة . أنت مشكلة. أنت قضية. ص108
ولما فتحت الباب الخشبي تراءى لي الجدار الملعون. كان شامخا كالطود العظيم. رأيته يعلو حتى بلغ عنان السماء يزاحم النجوم. وكنت صغيرا في تماس مع حجم البعوض...ص129

تعددت معاني الجدار وتناسلت عبر التقدم في أدغال النص المشوق والممزق بين الصفاء الأولي الفطري للإنسان وملامح التشوه التي ترافق تحوله إلى كائن مستهلك للمدنية. فما هي وجوه هذا التنوع وما هي الجدران المتوارية وراء جدار سي احمد؟؟؟

 العمر جدار:
وتركوني قائما ممزقا بين زينب ، وقد فصلني عنها فرق الأعوام التي بيننا، وفاطمة الصغيرة وقد فصلني عنها الجار الملعون.ص26
التمدن جدار:
ـ أنتم لا تصنعون مثل هذه الفرجة في المدينة؟
رددت عليه
ـ يكفي أن نبني الجدران بالحجارة الزرقاء. و الإسمنت المسلح والزجاج..ص29
الأسرة النووية جدار:
انقسم المطبخ بأوانيه ولذة طبخه ص87
ـ السفر جدار:
‘‘الماشينا الي اديتي خويا جيبيه ولا لحقيني بيه‘‘ص49
وأسمعها تناديه في الجرة: آآآ سعيد ويتردد الصوت في الجرة مبحوحا مثخنا بجراح الفراق..ظننتها قريبة من الجنون لا محالة.ص67
غاص القطار في سحابة دخان أسود اختلط بصفير حاد ينبه الخلق لسطوته وجبروته الفولاذية . ابتعدوا عن خطيه المتوازيين إلى ما لا نهاية...ص 205
ـ الموت جدار:
والموت في الرواية نوعان:
جسدي كما جان من موت الوالد، وزينب وعبد الباقي، ومعنوي كما كان من موت العم والأخ سعيد.
الوالد: تحول ذاك الذي كلن اسمه والدي جثمان بارد إكرامه هو الإسراع بدفنه في قبر بعلامة ترشدنا غليه إذا تهنا بين قبور منسية..ص46
عبد الباقي: رأيت ما تبقى من شخص اسمه عبد الباقي يتمسك بخيط رقيق يفصل بين الحياة والموت. وتعمدت البقاء بجواره لأرى كيف سيغادر هذه الدنيا وهو ما زال معلقا بها...ص225
الأخ سعيد: وقع أخي برسالته تلك شهادة وفاته، وصليت عليه صلاة الغائب ووقفت على قبر مجهول في مقبرة مجهولة وأبنته بكلمات نزلت من فمي كالحمر. حرقت لساني وشفتي وذقني وملابسي الداخلية وشعر صدري..ص74
يا احمد، أخوك مات في رسالته الأخيرة خنزيرا متشردا، تصدق موته تارة وتكذبها تارة . ما هذا الهراء؟ أخوك مات صدق! ...ص159
العم: عمي مات حيا يا ما...ص75
الفوارق الاجتماعية جدار:
ـ تملكتني الدهشة والخوف وأنا أقف أمام بابها الفولاذي، بدفتيه العريضتين...يتوسطه باب صغير يعلوه كوة مربعة تفتح على قضبان حديدية ...ص53
ـ ماذا دهاك أيها الشاب الأمرد؟ هل أنت عاقل أو مخبول؟ لماذا تركت حور المدينة خلفك وجئت لتتزوج من هنا؟...ص61
الثقافة والأعراف جدار:
أرسل لي يوما صورته صحبة فرنسية في لباس البحر. ظهر فيها يحمل جعة بيده اليمنى وسيجارا كوبيا بيده اليسرى...رميتها في الكانون.ص72
منذ وطأت قدمي هذه الأرض. كنت أحس بذلك الخيط الذي يربطني بكم يترقق حتى عاد كخيط عنكبوت في العتمة.ص73
الجنس جدار:
فعقدة عمي وزوجته كانت في إنجاب الولد. ص80
خرجت ليلى مبكرة إلى عالم تحاسب فيه النساء دون الرجال على صنيع مشترك مقرف. ص219
الدين جدار:
كان الفيلم هنديا يصور مأساة شعب مزقته الديانات والأعراف إلى كبقات منغلقة لا تسمح للإنسان بالارتقاء الاجتماعي....ص208
التخلف جدار:
ـ من الكفار بقيمة الإنسان؟هم أم نحن؟ (قويدر لقرع)
ـ لماذا تقدم الآخرون وبقينا معرة الأجناس؟ ص212
الاستبداد السياسي جدار.
ـ فهمت مغزى كلام والدي الذي شاهد من بعيد كيف تهارشت الكلاب على هذا الوطن الغنيمة وأرهبت كل من قال ‘‘ الشعب يريد الحرية والمساواة والكرامة والخبز‘‘ أرهبته بسنوات الرصاص والحديد والنار. واتهمت خيرة الشباب باسم كل ما من شأنه.ص202
ـ نال حقه من الاستقلال المغشوش في معتقل سري أربع سنوات...ص203
ولائحة الجدران طويلة لا حد لها...لكل منا جداره الخاص الذي يحجز إنسانيته ويمنعه من الاستمتاع بطبيعته الطيبة الهادئة السعيدة ...الإنسانية.
كيف قدم المؤلف هذه الأفكار وفي أية حلة أسلوبية لفها ؟ وهل من علاقة منطقية بين المضمون الذي تحدثنا عن بعضة سابقا والصيغ الأسلوبية التي اختارها؟ وإلى أي حد توفق في ذلك ؟
إذا كنا اخترنا كعنوان لهذه القراءة ‘‘مرافعة لصالح الإنسانية‘‘ فذلك لا يعني البتة أن الرواية قدمت في أسلوب تقريري، خطابي، مباشر...بل على العكس تماما. أطلعكم في هذا المضمار على جملة كتبتها للأخ المبدع  محمد امباركي عندما قرأت الرواية أول مرة:‘‘ أحسست وأنا أنهي نصك الرائع أو سيلا من الطفولة يتسربل بين أصابعي وأني تشبعت من طاقة إنسانية سخية.‘‘ كيف ذلك؟ ما الذي جعل الأسلوب بهذا التأثير؟
أولا: التسامح، فالشخصيات ليست شخصيات بالمعنى الكلاسيكي النمطي، بل هي شخصيات آدمية تنطوي على التناقضات وهي مقبولة كما هي وموظفة كما هي دون أحكام مسبقة ولا أحكام قيمة.
ثانيا: التركيز على الحدث لا على الحيثيات. تبدو شخصيات الجدار كأنما تحركها قدرية ما. تارة تكون اجتماعية (كما هو الحال بالنسبة لليلى) وتارة قيمية أخلاقية (كما هو الحال بالنسبة لسي احمد)، وتارة إديولوجية فكرية (بالنسبة لسعيد)
مثال على المواقف المليئة بالتسامح والإذعان للأمر الواقع.
ـ أنا لا أعود إلى الوراء أبدا
ـ خير ما تفعل يا سي احمد لكن اعلم أنني أحببتك من كل قلبي رغم كونك كنت ‘‘عابر سرير‘‘
ـ جئت لأعرض عليك الزواج
ـ كنت ستجدني رافضة للأمر
ـ لماذا؟ فالزواج شتر والله غفور رحيم
ـ سكتت مخنوقة. صافحتني وانصرفت مرددة ‘‘ الله يسعدك‘‘ ص 173
أسلوب فيه من الطيبة والتسامح والخير والطهر الروحي ما يسمح بمسافة شاسعة من التطهر من الحقد والحسد وحب التملك والأحكام القاسية ...

 الأستاذة سعدية السلايلي

(روائية وناقدة)


 سعدية السلايلي
وجدة : 02 يونيو 2012

المليحة عزّة .. سيّدي في الحب


المليحة عزّة .. سيّدي في الحب
شعر
عبد القادر الطاهري
لوحة الغلاف : جمال بوطيب
منشورات مقاربات ¤ 2012


عبد القادر الطاهري

وجدة : 02 يونيو 2012





هنيئاً للأديب الأستاذ عبد القادر الطاهري بإصداره الشعري الجديد : المليحة عزّة .. سيّدي في الحب!!
وإلى أن يتاح لنا الحصول على نسخة من الديوان، نحيّي مبدعنا على إصراره الإبداعي لإثراء الحياة الثقافية المحلّية والوطنية.  





13/06/2012

نجوى الغروب


نجوى الغروب
شعر
يحيى بزغود

المطبعة : شركة مطابع الأنوار المغاربية ¤ وجدة
الطبعة الأولى 2011

هنيئاً للأديب يحيى بزغود بهذا الإصدار الشعري الذي كتب تقديمه الشاعر عبد السلام بوحجر، وضمّ النصوص التالية : أجراس الوداع، الديار المهجورة، نقوش دامية على قبر شهيد، أصداء من منفى ميسور، سلاماً يا آخر الصفياء، الحمد لله أعطى وأخذ، عودة التاتار.

11/06/2012

كلمة القاصّ أحمد بلكَاسم في حفل توقيع مجموعته : الشيخ قارون

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين

           السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وتحية طيبة لجمعية مؤسسة الأعمال الاجتماعية لرجال التعليم. وتحية طيبة أيضا لجمعية أبركان للثقافة والتراث، كما       أود في مستهل كلمتي أن أشكرالحضور الكريم الذي يحضر من أجل الدفع بعجلة الثقافة البطيئة الدوران ببلادنا إلى الأمام، هذا الحضور الكريم المداوم على تشجيع الطاقات الإبداعية في حراكها الثقافي، هذا الحضور الشغوف بالأدب شعرا كان أو نثرا أو مسرحا أو تشكيلا هو الذي يساعد المبدع في هذه المدينة التواقة للانعتاق من نير التهميش، على الاستمرار في العطاء، وبفضل هذه اللحمة الثقافية سيزداد إقليم بركان تألقا، ونشاطا بإذن الله. قد يخجل البعض من تواجده في هذا المكان الآن على اعتبار أن الحديث عن الثقافة والكتب والكلام عن الأدب عموما، هو ضرب من الترف الفكري والثرثرة التي لا طائل من ورائها لدى شريحة واسعة من المجتمع  بمن فيهم بعض المسؤولين في هذا البلد السعيد، لهؤلاء أقول لا تشغلوا بالكم بما يقال عنا إذا أخذتم في الحسبان أن مجتمعنا لازال يرزح تحت نير الجهل والأمية. وعليه فالمثقف المغربي يجد نفسه محاصرا بين كماشة ذات ثلاثة مخالب:
         المخلب الأول الوزارة الوصية التي قبلت بالفتات من ميزانية الدولة، والتي تتذرع  بفقرها إزاء ما يطمح إليه المثقفون من دعم وتشجيع.
          المخلب الثاني هو ذلك النوع من المسؤولين الذين يسرفون في الإنفاق على مهرجانات ومواسم وتظاهرات يزعمون أنها ثقافية والثقافة منها براء، و تسيء للبلد أكثر من أن تنفعه.
          المخلب الثالث هو الرأي العام الغارق في عتمة الجهل والأمية والفقر. وهذا المخلب هو الأشد خطرا على الثقافة ومحبي الثقافة مبدعين ومتلقين، لأنه يبقى ألعوبة في يد المحتقرين للشأن الثقافي، يسخرونه لتكريس نوع من الثقافة الهجينة في واقع مريض.
وبالرغم من هذه المثبطات نحن هنا رغم قلة عددنا، ومحدودية إمكاناتنا، وانعدام مؤسسة ثقافية ورسمية تأوينا، من أجل التواصل، إذ بتواصلنا المستمر وتضافر جهودنا نستطيع تخطي العقبات.
 فكما يقول المثل الصيني:"هناك مشكلة عويصة ولكن أيضا فرصة سانحة للأفضل".
         وعليه سيظل الكتاب رمزا للأمل والحياة علاوة على كونه جزء رئيسيا من حضارة بني الإنسان علي مر العصور. 

   
فكلما ضحى المبدع باقتطاع جزء من مصروفه اليومي، وأخرج كتابا للوجود، واحتضنه محبو الإبداع احتفاء وحبا للثقافة، نكون قد سددنا اللكمة تلو اللكمة لذلك الوجه القميء المستهتر بطموحاتنا، المتخوف من أفكارنا. و مثل هؤلاء يكفينا قول العالم و الشاعر النيسابوري عمر الخيام فيهم:

صاحب من الناس كبار العقول
واترك الجهال اهل الفضول
واشرب نقيع السمِّ من عاقلِ
واسكب على الأرض دواء الجَهول

 وتحية إبداعية راقية للجميع. فلولا حضوركم الدؤوب وتشجيعكم المستمر لمثل هذه المناسبات الأدبية الجميلة، لما كنا اليوم نحتفي بهذا الشيخ الجليل.

 أحمد بلكَاسم