17/11/2013

لقاء مفتوح مع المبدع جمال الدين حريفي في بركان



تنظّم جمعية أبركان للثقافة والتراث لقاء مفتوحاً مع المبدع جمال الدين حريفي، مساء الأحد 17 نونبر 2013، ابتداء من الثالثة زوالاً، بالمركز الاجتماعي للقرب، الكائن قرب المكتبة البلديّة.

ومدوّنة <<البستان الشرقي>> تحيّي الصديق المبدع جمال الدين حريفي، وترحّب به في مدينة بركان

13/10/2013

منتدى إبداع ـ أبركان ينظّم أمسية إبداعية ثانية


ينظّم منتدى إبداع ـ أبركان أمسية إبداعية

 بمشاركة المبدعين 

   محمد العرجوني ـ ثريا أحنّاش

  إدريس يزيدي ـ عيسى حمّوتي

  أحمد عزيزي ـ مجيد رزّوقي


تسيير : ذ. عبد العزيز أبو شيار

 بمقهى قادس، الكائنة في بشارع الشهداء، بمدينة بركان 

 مساء يوم السبت 19 أكتوبر 2013 ـ ابتداءً من الخامسة والنصف

والدعوة عامّة


11/10/2013

روايــة أوراق الرماد تـــولد الرمـــاد عن الطفولة المــحترقة



"الرواية تاريخ متوقع" هذا هو التعريف الذي يقترحه أندريه جيد للرواية، لكن كيف تكتب ذلك التاريخ بمشاعر اللحظة المساوقة له حتى يتم نقل حيثياته بنفس الفوضى والقلق فلا تهدأ مع تراخي الأيام، هو ما تحاول رواية " أوراق الرماد " الصادرة عن شركة مطابع الأنوار المغاربية للروائي محمد العتروس أن تنجزه على مدار سبع ورقات تقاسمها المتن.

وأنت تخطو خطواتك الأولى لتلج إلى متن الرواية يلفت انتباهك الضمير الأدبي الذي يتقمص روح حرباء، وهي الإشكالية ـ إشكالية الضمير في الكتابة الروائية ـ التي تناولتها أقلام النقاد على نطاق واسع. فهو في البداية يغوص في السرد تحت مظلة ضمير الغائب "فيستيقظ طفل مشاكس في الغرفة ....يتثاءب ....يمدّ .... يحك .... ثم ينسحب في هدوء" ص7، بنفس ذلك الهدوء ما يفتأ فيحرف السرد إلى ضمير المتكلم الذي استطاع من خلاله أن يبث مكنونات التجربة فيجعلها تطفو فوق السطح " أنا كنتُ ذلك الطفل .... أتذكر ـ مازلت ـ قبلتها على جبيني" ص8، بهذه الطريقة يوكل ضمير الغائب لكل من شاركوه لعبة الحياة، يهيم يشرح تفاصيلها، نكباتها، عثراتها، إخفاقاتها المتتالية، حتى لكأنه تعب من كل هذه الشروخات التي أصابت نفسه ولم تُبق منه شيئا، عاد في الورقة السابعة والأخيرة ليفر من نفسه، يريد أن يقول: هو لم يكن هو. ولكي يوهم نفسه أولا ويقنع القارئ تاليا، يحرف الضمير الأدبي مرة ثانية من ضمير المتكلم إلى ضمير المخاطب، يستهل الورقة قائلا " حزينة كانت أمكَ حين خرجتَ أنتَ من غرفتك ذاك الصباح" ص97.

هذه الورقة السابعة التي أنكر في حياضها أناه ، سبقتها ورقات تمخضت عنها هذه الحال، فكما أن هذه الورقة كانت معنونة باسم علي، كانت الورقات الأخرى باسم عباس الحماس وعمي بوطيب الحجام وأحلام ودنو وسامي لالماني ولكانوخ، مما يجعلنا نجزم أن توزيع هذه الورقات استدعى إسقاط المتن على معادلة عسيرة، ففي الورقة الأولى يسرد جملةً من أصدقائه الذين قاسموه جرائم الطفولة ليأتي تاليا ويمنح كل واحد منهم ورقة تشهد على جريمته. وفي كل ورقة يظلون رفقته في درب الطيش والطفولة "المقدسة"، بل شركاؤه في معالجة طفولة قاسية ظلت آثارها عالقة بشخصياتها حتى بعد أن تجاوزوا سن الصغر، فكان ذلك واضحا على مستوى العبارات والألفاظ المتداولة على مدار النص، فحينا يصف مراوغة الطفولة بالخبث " ثم أضيف في خبث واضح" ص9، وحينا يصف مشاكسة بريئة بالجريمة النكراء " خبأت بيضتي ...سأعترف لها بجريمتي النكراء"ص10، وحينا آخر ينعت حركات طفولية فيقول " تدليت كقرد مشاكس"ص11، ثم يرسم صورة لصديقه النزق قائلا" لأن عباسا كان يحمسنا على الأعمال الشريرة القذرة" ص12. وحتى بعد أن تراخى الزمان وتباعد المكان والتقى الراوي " أحمد" بصديقه الكانوخ في باريس لمعاقرة الخمر، هاجر معهم قاموسهم اللغوي لنسمع الكانوخ يداعب أحمدا فيقول " اسمع وصايةْ المجرب يا واحدْ المعفانْ" ص89 . ولا ضير أن نجد في ثنايا هذه البيئة التي أنتجت مثل هؤلاء الأطفال مفارقة عجيبة تستفز الإنتباه، فعلاقة أحمد/الراوي بأمه يلفها الوئام والحنان، حتى لأنني لم أومن بهذه الوشيجة السَمحة في الصفحات الأولى ورُحْتُ أضرب في الصفحات الموالية علِّي أجد ما يعكر صفو هذه العلاقة، والداعي إلى ذلك هو أنها تقول له عندما ارتطم بالسلم وتحطمت البيضة " الكلب ما يأكلها حتى يْمرمدها"ص11، هنا نكتشف أن قسوة الألفاظ هذه لم تكن نتاج مشاعر حانقة، بل هي حصيلة البيئة التي تستمرئ مثل هذه التعابير ولا تجد أدنى حرج في تداولها حتى صارت من جملة العادات الكلامية وبدا ظلها واضحا وارفا على وجه الرواية فلم تشرإب بعض العبارات الشاعرية إلا على استحياء" ميتة كانت نجمتي" ص60 " وذات فضيحة" ص49 "هل نملك أن نصبح بشرا"ص94 وتتضح هذه الشاعرية الحيية في ذروتها ـ من حيث مضمونها لا شكلها ـ حين يأتي الجناس التام بين إسماعيل الملك الذي صورته مقررات التاريخ بطلا وما هو إلا صانع وهم في عقول الناس، وبين إسماعيل النبي الذي وافق أن يكون ذبيح أبيه فداء لأمر الرب سبحانه " أنا لست مستعدا لأن أكون الأضحية التي بموتها تغفر كل ذنوب الكون. لست مستعدا لأن أكون إسماعيل جديدا" ص61

وفي غمرة هذا النص الذي نجح في أن يؤدي فروض الولاء لقواعد الكتابة الروائية، ظلت المقاربة بين المحلية والعالمية تضج كلما كلما حاول النصُّ أن يرسم صورة واضحة ـ إلى حد بعيدـ وعميقة ـ إلى حد ماـ لكل الخلفيات التي صنعت شخوص الحبكة السردية، وذلك ابتداء من الحمّاس قاتل القطط إلى أغاني مرسيل خليفة وقعبور وناس الغيوان مرورا بأستاذ التاريخ الذي يراه مزيفا وملفقا. وكذلك من باب اتخاذ المحلية مدخلا إلى العالمية ظل الكاتب يُضَمِّنُ نَصَّهُ جملةً من المفردات التي قد لا يفهمها الساكن في المدينة المجاورة بَلْهَ البعيد النائي، وذلك تارة في جرد منه لأسماء بعض الألعاب التي كانت تسلي طفولتهم المرتبكة" نلعب الورق أو "الزْلاقوفْ" أو "سَبْعْ حْجيراتْ" أو "كَامَا" أو "صوطْ موتُو" أو "الدَّنْكْ" أو غيرها من الألعاب" ص68 وتارة أخرى يوغل في المحلية أكثر فيرسم خريطة جغرافية للمدينة المنهكة المتعوبة بطريقة لا تتأتى إلا لمن عاش تفاصيلها " وانحرفت يمينا حتى وصلت إلى محطة البنزين "جَعْرَة" وانحرفت يمينا حتى وصلت "الطحطاحة" وهناك دخلت في الأزقة الضيقة لـ"لكَرابا"، مررت على مدرسة السّي البوخاري واتجهت يسارا وفي زنقة المدينة المنورة ركضت نحو البيت كالسهم"ص39 /40.

ننتهي من الرواية وقد فهمنا ـ إن صحّ فهمنا ـ أن أحياءنا التي صنعتها أيدي النظام البوليسي ـ  الذي لم يَخْلُ النص من كشف الكثير من مهاتراته ـ مازالت تحتاج إلى من يسدل الستار عنها حتى تطل علينا بشاعة الشخوص التي أنتجتها،وكم كان الباب مشرعا ـ لو اقتحمه الراوي ـ لسبر أغوار تلك النفوس وكشف خفاياها ودوافع طيشها الذي حرفها عن طفولتها، لاسيما عباس الحمّاس قاتل القطط وآكل الجيف وكل الشخوص التي كانت تستمرئ صنيعه. وهي ـ أي هذه الشخوص ـ كانت بخلاف أحمد/الراوي الذي كان حظه وفيرا إذ عثر على حضيرة للأبقار تركها المستعمر ليتمدرس فيها، أما ألائك الذين لم تتنازل لهم الأبقار عن مكانها فهم كثر. وهذا ما حاول أحمد/الراوي أن يؤكده لنا ويؤكده لنفسه قبلنا في الصفحات الأولى " لكنني مع كل هذا لم أكن الأسوأ بين أقراني في الحي ... حتما لم أكن الأسوأ" ص11، وستشهد الصفحات أنه لم يكن الأسوأ بين أقرانه، خاصة ذلك القرين الوسيم الهادئ الوديع "سامي لالماني" الذي لم ترحمه هذه البيئة العنيفة وجنتْ عليه براءته إذ أسلمته إلى أحد الوحوش حتى يغتصبه، ولذلك يخصه بالذكر فيقول " ولا كان حظي أسوأ من حظ سامي لالماني.." ص16. لكن مثل هذه البيئة لا تكتمل بشاعتها إلا إذا خلعت على البراءة أسمالها وألبستها روح الوحشية، وقد استمر ذلك زهاء عشرة أعوام وسامي لالماني يتربص بغريمه " وفي أول فرصة انقض عليه كالأسد الجائع، نهش لحمه ونكل بجثته ثم قطع قضيبه ورماه للكلاب"ص44... الآن، مرحبا بك يا سامي في حينا.

لم تخالط قتامة هذا النص العنيف ـ باعتبار صدقه وجرأته في وصف مشاهد الحي ـ إلا ريح باريسية، إذ ظل النص ينضح بإشارات تضفي عليه نكهة الرواية المهجرية، إلا أنه ما يلبث أن يحجم عن الإسترسال في نفس السياق الإغترابي ويعود إلى تيمته المحورية، وهي التيمة التي تأخذ برأس القارئ تجره إلى عقر ذلك الحي التَّعِبِ المنهك السادر في بوهيميته الحديثة.


إدريس يزيدي - شاعر مغربي مقيم في بلجيكا

Drisss.yazidii@gmail.com

04/10/2013

صدور المجموعة القصصيّة : طبيبة القرية لعبد الله زغلي

طبيبة القرية
قصص قصيرة
عبد الله زغلي
طبع : برانت عين ـ وجدة
الطبعة الأولى 2013


هنيئاً للأستاذ عبد الله زغلي بإصدار مجموعته القصصية <<طبيبة القرية>>، التي انضافت إلى المنجز السردي المحلّي ... مع تحيات مدوّنة <<البستان الشرقي<<

24/09/2013

أولى أمسيات منتدى إبداع ـ أبركان

تصوير حميد

افتتح  منتدى <<إبداع >> نشاطه الثقافي، مساء السبت 21 شتنبر 2013، بمقهى قادس، الكائنة بشارع الشهداء، بمدينة بركان، بأمسية إبداعية سيّرها ذ. جمال قادة، وشارك فيها الشاعرعبد العزيز أبو شيار  والشاعران الزجّالان الحسن درويش وأحمد اليعقوبي، 
وقد حضر الأمسية مبدعون من مدينة بركان ووجدة وغيرهما، كمحمد العرجوني وعيسى حموتي ويحيى دخيسي، من المقهى الأدبي في وجدة، والقاص محمد مباركي، والشاعر الناقد الطيب هلو، وجميلة رحماني، وعمر درويش، وعبد الحميد لحسايني، وغيرهم ممّن نعتذر لهم عن عدم إدراج أسمائهم، ونشكر لهم دعمهم لنا شكراً جزيلاً . كما تابع الأمسية جلّ المنابر الإعلامية الإلكترونية المحليّة المشكورة على أعمالها من 
أجل التعريف بالأنشطة الثقافية المحلية والجهوية

تصوير حميد

20/09/2013

أمسية إبداعية بمقهى قادس بمدينة بركان




<< منتدى <<إبداع

أبركان


ينظّم أمسية إبداعية

بمشاركة

الزجّالين : الحسن درويش ـ أحمد اليعقوبي

القاصين : مصطفى شعبان ـ محمد العتروس

الشاعرين : سعيد ملّوكي ـ عبد العزيز أبو شيار


تسيير : جمال قادة


بمقهى قادس ـ شارع الشهداء ـ بركان


مساء السبت 21 . 09 . 2013

ابتداءً من الخامسة والنصف


والدعوة عامّة


عن منتدى إبداع ـ أبركان

12/09/2013

موسم الهجرة إلى الشمال ذروة الحنين إلى الجنوب





     في مطلع القرن العشرين قرع الطيب صالح باب إشكالية الصراع بين الشرق والغرب وحاول جاهدا ـ ابتداء ـ وناجحا إلى حد بعيد ـ انتهاء ـ أن يسبر أغوار هذه الظاهرة ـ المحنة في أول محاولة حبرية له في مجال الرواية.
     من الروايات التي انتشرت في العالم العربي والدولي انتشار النار في الهشيم، رائعة الأديب السوداني الطيب صالح بعنوان " موسم الهجرة إلى الشمال" التي تُرجمت إلى العديد من اللغات الحية واعتمدت الكثير من الجامعات تَدريسها ضمن مقرراتها الأدبية، في حين مُنِع تداولها في العديد من الدول العربية بدعوى تضمنها بعض الإيحاءات الجنسية.
     تتناول الرواية سيرة رجل سوداني أسماه "مصطفى سعيد" أثناء الاِحتلال الإنجليزي للسودان. وهذا الرجل له قصة طويلة
    إذن... دعوني أبدأ من النهاية.
     حينما تنتهي من قراءة آخر صفحة من الرواية وترتسم في ذهنك صورة عامة عن مضمون الرواية يتبين لك كم كان الطيب صالح ناجحا في اختيار العنوان حتى كان حقا عتبة إلى متنه المحوري.
     أحداث الرواية تدور حول شخصية مصطفى سعيد الذي ظهرت عليه أمارات التفوق والنبوغ وضاقت عليه أرض السودان بما رحبتْ فلم تقدر أن تحتضن مواهبه، فاصطفى القدر لهذا الغرض امرأة انجليزية تدعى روبنسون، بعثت به بمساعدة زوجها (المستشرق الذي اعتنق الإسلام)  إلى مصرومن ثَم إلى انجلترا لاستئناف رحلته الدراسية وليبدأ مغامراته النسائية.
     تكلم النقاد، هل مصطفى سعيد هو اختزال للطيب صالح؟ أم تمويه لشخصيته؟ لأنه يبدأ الرواية بقوله "عدتُ إلى أهلي يا سادتي بعد غيبة طويلة. " ص5 وحتى يغير الأسلوب ويتكلم بضمير الغائب، اختلق هذه الشخصية.
     إلى حد بعيد أتفق مع هذا الرأي، فهو يحكي عن بطله موضحا جزئيات نفسية لا يمكن أن يطلع عليها إلا صاحب الشخصية نفسه.
     يسافر مصطفى سعيد. يكثر الترحال بحثا عن ضالته دون وجل أو ارتباك. من السودان إلى القاهرة ومن ثَمَّ إلى بريطانيا، وهو ما أعرب به لزوجه حُسنة حين قالت: "لكنه قال لا داعي للخوف وإنه يجيد السباحة" ص97 .

     سافر مصطفى سعيد إلى الشمال مصطحبا معه بشرته السوداء وصرامة نهجه في الحياة، فيعيش هناك بنمط  جدي ينتقم فيها لجهله الذي خلفه في بلاده فيمتح من شتى العلوم بنهم يساعده عليه نبوغه، وينتقم فيه لعرضه الذي دنسه الجنود الإنجليز إبان احتلالهم للسودان فيضاجع هذه وتلك ولا يجد صعوبة في إسقاطهن في شباكه.
     ولأنه متأرجح في دخيلة نفسه بين أصله وجذوره الشرقية وبين العالم الذي أوقعه فيه مآله، فهو مرة يضاجع هذه باسم أجنبي محاولا إقناع نفسه أنه تخلص من إرثه وتخلفه، لكنه لا يلفي من ضجيعته إلا النفور والاِحتقار لجنسه ولون بشرته الذي لا يمكن أن يغيره وإن غير لسانه وطباعه، فهي لا رغبة لها فيه إلا لإخماد فورانها الجنسي ولا تتحرك مشاعرها تجاهه أبدا، فهي تنظر إليه نظرة دونية، فإلى عهد قريب كان آباؤه عبيدا لآبائها. هنا، لا يجد مصطفى سعيد إلا أن يأوي إلى محضنه الأول بكل مكوناته الحضارية وخلفياته الإديولوجية. فهو في مسيرته الإنتقامية لعِرض بلده، يضاجع فتاة أخرى باسم حسن، تأخذ هي منه ما تريد ـ فحولة الأفارقة في النكاح ـ ولا يلفي هو منها إلا الصد، فهو مرة أخرى أسود إفريقي، وهذه المرة دون قناع، فاسمه حسن، اسم عربي.
     مصطفى سعيد، رغم نبوغه لا يعرف ماذا يريد، ترك أمه ـ وطنه إلى أرض تأقلم معها بسرعة خاطفة، تماما كسرعة تعلمه اللغة الأنجليزية التي ساعدته بدورها على هذا الإندماج، حتى صارت هذه الأرض أمّاً ثانية له، فالغربة أم كما تقول أحلام مستغانمي في "ذاكرة الجسد"، وهذه علة أخرى لتقمصه مرة أسماء عربية ومرة أخرى أسماء أجنبية.
     لنخْلُص إلى مِثْل هذه الشخصية ـ شخصية مصطفى سعيد ـ في مثْل هذه الظروف ينبغي أن تكون نتاج بيئتين متباينتين كل التباين ومتناقضتين تمام التناقض.
     ولهذا الغرض، فإن الراوي يقصد وَضْعَنا في الصورة، يصف لنا قرية سودانية ـ أم درمان ـ على ماذا تعتمد في عيشها في مختلف جوانب الحياة، الإقتصاد والتعليم والدين والجنس.
     اقتصاد القرية يتركز أساسا على الزراعة على ضفاف النيل في حين تتعدد مِهَن الناس في انجلترا، والتعليم فيها محدود جدا بخلافه في الشمال إذ يوصل الطالب إلى أعتاب جامعة أكسفورد.
     أما الدين فهو في قرية ـ أم درمان ـ عنوان بارز، ومطية لأطماع ورغائب يجتاح بها الإنسان بعض الحدود سنأتي على توضيحها بعد قليل.
     فالغريب الغريب في المسألة، هو كيف استطاع الطيب صالح العثور على هذه المرأة التي تسكر جهارا وتتحدث في تفاصيل جنسية بحضور رجال هم أيضا طاعنون في السن مثلها وتروي لهم عن مناوراتها الجنسية مع أزواجها الذين قضوا نحبهم وتُفاضل بينهم بتعليلات تضعك تحت دثار الممارسة، كل هذا وجدُّه جالس يجاذبها تفاصيل الكلام دون استحياء، وهو العابد الزاهد القابع في محراب تنسكه لا يفتر عن ذكر الله.
     هذا هو الدين في أم درمان، إدراك الناس له فُقاعي وفهمهم له جزئي، إذ حين يقف حاجزا يكبح ويهذب جشعهم الجنسي، يتجاهلونه، وفي أحسن الأحوال يتحاشونه بصراحة، ألم يقل ود الريس" أيام نقضيها على وجه الأرض وبعدها ربنا يفعل فينا ما يشاء"ص88.
     ولنفس الغرض يتخذون الدين مطية، وهذا ودالريس يقول" الله سبحانه حلل الزواج وحلل الطلاق وقال خذوهن بإحسان أو فارقوهن بإحسان " ص82 هذا لسان حالهم، حتى أُرغِمَتْ أرملة مصطفى سعيد على الزواج من ود الريس فانتهى بهما الحال إلى ما انتهى إليه. عنف بشع، قتلته وقتلها، وقتل مصطفى سعيد جين موريس. إنه القاسم المشترك بين الشمال والجنوب، الجنس وعنفه أو الجنس وحده، يسافر مع الإنسان حيث حل وارتحل، لا يعرف لونا ولا حدودا. في هذه الحالة، بخلاف غيرها من الحالات، تتطابق أم درمان مع لندن. ود الريس يصول شرقا وغربا بين أحضان النساء ومصطفى سعيد يتلذذ بغرامياته النسائية في لندن.



     يموت مصطفى سعيد في ظروف غامضة، في وقت يفيض فيه النيل ويغزو المساحات اليابسة، قد ينجلي هذا الغموض ولو بالنزر القليل حين يعود الراوي ليوقِّع موته في ظروف واضحة لها علاقة بالنيل نفسه. فهذه إماءة ـ ربما ـ أرادت منا أن نفهم ويتسرب إلى أذهاننا بشكل لطيف، أن الراوي ومصطفى سعيد على أقل تقدير هما جسدان في روح واحدة.

    يأتي الطيب صالح على ختام الرواية ليختصر الصدام بين الشمال والجنوب في الصفحات القليلة الأخيرة وبأسلوب أكثر وضوحا من الأسلوب الطاغي على الرواية حسب ما أرى.

    يقول:" وأخذت أسبح نحو الشاطئ الشمالي" ص166 لماذا فكر في هذا الشمال؟ هناك شيء ما مُغْرٍ دعاه إلى ذلك، المهم أنه عزم واقتحم، وكان لديه من الجرأة ما يؤهله لذلك فاستقر عزمه على بلوغ الشاطئ الشمالي. في خطواته الأولى كان يسمع طقطقة المكنة التي تربطه بذكريات جذوره، ولكن ما أن ابتعد حتى تلاشت تلك الذكريات وامحت....وتقع نفسه في دائرة من الحيرة، فهو حي ميت، يعي ولا يعي.

    ها هوذا يعود ويسمع طقطقة مكنة الماء، الشيء الذي ينم عن قربه من منبت جذوره على الرغم من إشباع فضوله وبُغيته من معطيات ذلك الشمال.

    ولكنه لازال في الماء يسبح.

    يقول:" تلفت يمنة ويسرة فإذا أنا في منتصف الطريق بين الشمال والجنوب لن استطيع المضي ولن أستطيع العودة" ص166.

    إنه تصوير رائع مذهل لهذا الضياع الذي يلفي الإنسان فيه نفسه حين لا يستطيع أن يذوب في الحضارة التي اختارها لنفسه أو اختارها له القدر، ولا يستطيع أن يعود إلى هويته التي ولد وألفى نفسه عليها وفيها، لأن الغربة التي قضاها في الشمال، هي أمّ أيضا، اكتست إزار الأمومة من طول الأمد. أمٌّ ألفها وألفته. بمحض إرادته أو رُغْماً عنه. وهكذا بين الأم التي خلفها والأم التي ألفاها، تبقى له الحيرة والتيه.

    وكل ما يستطيعه في هذه الحالة، أن يبحث لنفسه عن طريقة تمكنه من الإعتياد على هذا التيه، يقضي بها الأيام التي بقيت له من عمره بسكينة وروية، السكينة والروية والأناة التي تكون أحيانا نتاج حيرة وتعب وتيه، وهذا ما عبر عنه بقوله:" انقلبت على ظهري وظللت ساكنا أحرك ذراعي وساقي بصعوبة بالقدر الذي يبقيني طافيا على السطح" ص166/167.

    في أحضان هذا التيه، وبهذه الأريحية التي تخفي الكثير من الألم، لا يستطيع الإنسان أن يعيد الزمان إلى الخلف. ينتظر الإنسان الموت، وهو شيء ينم عن النكوص إلى القعر" ووصلت إلى نقطة أحسست فيها أن قوى النهر في القاع تشدني إليها"ص166.  ولكنه أراد لهذا الموت أن يكون في موطنه في جهة الجنوب   " التيار يدفعني إلى الشاطئ الجنوبي في زاوية منحنية"ص167.

   
    لكنها آفة البشر، لا يجد عِضة في الأمم التي سبقت، ولا يعتبر بالتجارب التي سلفت، فلا يزالون يقتفون نفس المسار كما يراهم الطيب صالح. ليسوا فرادى، بل زمرا" رأيت أسرابا من القطا متجهة إلى الشمال"     ص167 الكل يبهره ذلك الشمال، فهو ملجأه وقبلته.

    نعم. إنهم أفواج اتجهت وتتجه إلى الشمال، ولكن لماذا؟

  "هل هي رحلة أم هجرة؟" ص167 هذا هو السؤال الذي طرحه الطيب صالح على لسان ذلك الغريق الذي رغم وقوفه على حافة الموت، لازال يشغله هم شعبه ومصيره.

    هل هي رحلة؟ يكتشفون فيها ذلك المجهول فيبهرهم فينغمسون فيه...وحين يشبعون ويتعبون ويكتشفون شذوذ مبادئه، ينشدون الراحة فلا يجدونها إلا في بلادهم جهة الجنوب. ولكن هيهات حينها، كيف يتملصون مما انغمسوا فيه وصاروا جزءا منه؟ وكيف يعلنون عقوقهم لمأواهم ومنبتهم؟

    إنه نفس التيه إذن.
   وهل هي هجرة؟ حياة جديدة وثقافة جديدة وامرأة جديدة، ونسيان لكل ما مضى في الجنوب، الجارة وبنتها وأظلاف الحمير تهمس للأرض، وتكفير عن تلك الأيام المنصرمة فيه وذوبان حتى النخاع في ما آلوا إليه.


    وهل يأتي يوم يصيحون فيه ويستغيثون" النجدة..النجدة" ص168. إن هذا لعمري أدهى وأمر. رحلة أم هجرة؟ تعب وضنك كلاهما أمر من الآخر     



إدريس يزيدي



06/08/2013

لقاء إبداعي بنادي التعليم، في بركان


أشرفت جمعية أبركان للثقافة والتراث على لقاء إبداعي بنادي التعليم، في مدينة بركان، يوم الإثنين 05 غشت 2013، بعد التراويح، دام قرابة ساعتين، قدّم فيها مبدعون من الحاضرين بعض إنتاجاتهم، كما يلي :
الشاعر الزجال  ميمون الغازي


 -الشاعر الزجال  ميمون الغازي، المقيم بنيس في فرنسا، قرأ نصين من ديوانه الجديد، المعدّ للطبع <<ما يمكنش نكون أنا>>.

الكوميديّ فريد كومار


 -الكوميديّ فريد كومار، قدّم وصلة فكاهيّة.

الشاعر الزجّال أحمد عزيزي

 -الشاعر الزجّال أحمد عزيزي قرأ نصّا مطلعه :
الحرّاز باع حروزُه بالأورو ¤ والأديب باع كتبُه بالدّورو


الشاعر عبد الله لحسايني


 -الشاعر عبد الله لحسايني أنشد <<صخر الجبل>> من ديوانه <<ترانيم الجبل>>.

الشاعر الزجّال الحسن درويش

 -الشاعر الزجّال الحسن درويش قدّم قصيدة <<العشران>> من ديوانه <<الزمان المكَلوب>>.

الشاعر عبد العزيز أبو شيار


 -الشاعر عبد العزيز أبو شيار قرأ قصيدة <<الغنسة>> من ديوان له معّد للطبع عنوانه <<فيض الأباريق>>.
الشاعر الزجّال والروائي عبد المالك المومني


 -الشاعر الزجّال والروائي عبد المالك المومني، المقيم بالقنيطرة، قرأ من ديوانه الزجليّ <<ريحة لبلاد خضرا>> النصّ الذي عنوانه <<مرسول>>.

الروائي عبد الباسط زخنيني


 -الروائي عبد الباسط زخنيني، من روايته الثالثة المعدّة للطبع <<السقوط الحرّ>>، قرأ مقطعاً سرديّاً عنوانه <<نيس>>.

الشاعر الزجّال جمال الخلاّدي


 -الشاعر الزجّال جمال الخلاّدي قدّم نصّ <<شريبةْ أوصاب>> من ديوان <<الحاسي>>.

الشاعر الزجّال مجيد رزّوقي


 -الشاعر الزجّال مجيد رزوقي قرأ نصّ <<مجمع لخيار>> من ديوانه <<الحرف المهجور>>.

الشاعر الزجّال أحمد اليعقوبي


 -الشاعر الزجّال أحمد اليعقوبي قدّم مقطعاً من <<طر يا طيري>> من ديوانه <<الكَصبة والطّير>>.

أمّا باقي الحضور، وهم ذ. الحسن عزماني الذي سيّر اللقاء، و ذ. عبد الناصر البدري، و ذ. عبد الحفيظ مديوني، و ذ. أحمد بلكَاسم، و ذ. محمّد رحّو، وذ. ميمون مسعودي المقيم بالدار البيضاء، وذ. الحسن هرنافي، والمبدع محمد العتروس، و ذ. جيلالي عشّي،  و ذ. أحمد عليلو المقيم بإيطاليا، والمسرحي عيسي شلفي، و ذ. محمّد الكَاوط، فقد اكتفوا بالاستماع إلى ما تُلي من نصوصٍ إبداعيّة.

ومدوّنة البستان الشرقي تثمّن مثل هذه اللقاءات الحميميّة المنطلقة من الحكمة المعروفة : أن توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام.



01/08/2013

عبد المالك المومني ضيفاً على المقهى الأدبي بوجدة



يستضيف المقهى الأدبي وجدة الروائي والشاعر الزجّال :


في حفل توقيع روايته : الجناح الهيمان بنبع  ركَادة الوسنان

وديوانه الزجلي : ريحة لبلاد خضرا

 بمشاركة

د. محمد دخيسي :

رواية (الحكاية) في عشق للاّ خضراء 
قراءة في رواية (الجناح الهيمان بنيع  ركَادة الوسنان) لعبد المالك المومني

 د. عبد السلام بوسنينة 

ريحة البلاد: بين الحنين إلى الطفولة والمكان

ينشط اللقاء:  بنيونس عنبر

يوم السبت 03 غشت 2013 ابتداء من الساعة العاشرة ليلاً

بمقهى لاميرابيل وجدة ـ قبالة كلية العلوم

والدعوة عامّة