لما رأى أناملي تعبث ببكرة خيط كانت مستقرة في جيب معطفي وأخرجتها ببلاهة من جيبي دون وعي مني ولا من جيبي ولا منها هي أيضا أقصد أناملي، أشهر سبابته الصغيرة في وجهي مستأذنا طرح سؤال عادة ما يكون أكبر من حجم رأسه وعادة ما يكون خارجا حتى عن إطار نظارتيه السميكتين وعن الدرس، مستنبطا إياه من تمثلاته لموضوع الدرس، أو مقتفيا أثره من جعبته الزنقوية ذات الرصيد الثر من الخرافات، من قبيل:
- هل من يلعقه أو يعضه الكلب في يده اليسرى سيعثر على النقود ملقاة في الطريق؟
- وهل ممكن أن أتحول إلى قرد إذا ما توضأت باللبن؟
- هل يستطيع الناس أن يحولوا أذرعهم إلى أجنحة؟ أريد أن أفعل ذلك لأطير مثل اللقالق، أحب اللقالق.
هذه المرة كان سؤاله وليد الملاحظة الدقيقة لعينيه الجاسوستين والشبيهتين بعيني الزعيم السوفياتي- ليونيد بريجنيف- حين رمق بكرة الخيط في يدي، تفتقت عبقريته عن سؤال فجائي.
- أستاذ هل أنت خياط؟
- ليتني كنت خياطا؟
- ولم أستاذ تتمنى أن تكون خياطا؟
- لتستمتع أذني بسماع أغاني الزمن الجميل المندلقة من راديو نيميرو ويت.
- لم يفهم شيئا واكتفى بالنظر إلي بعيني الرفيق الأحمر المميزتين عن باقي عيون الاتحاد السوفياتي.
- راديو نيميرو ويت يعني مذياع طراز 8.
- فقط؟
- وهكذا أستريح وللأبد من ضجيجكم و زعيقكم الممل والقاتل للأعصاب، كما أجنب نفسي الإجابة عن هكذا سؤال.
- ...........................
- هل فهمت؟
- نعم أستاذ.
- ماذا فهمت؟
- راديو نيميرو ويت
أحمد بلكَاسم
بركان 15 / 10 / 2010