30/04/2012

رثاء



حينما خرجت من جسدك سالما
رأيتُك برداءٍ أبيض
تركض بلا حذاء
ودمعةٍ على خد الأهل و الأصدقاء 
كانَ الليلُ يومها على أتمِّ سوادِهِ 
و الريحُ تعوي خلفك في الفناء الخلفي
هناك.. تعودنا أن نسرد الحكايا
و نهدر الليلَ دمعةً ...دمعة
ـ 2 ـ
سألتك: كيف أسلمتِ روحك في بلد الجليد
ونزفت كل عمرك 
شمعة ...شمعة
عمرك الذي كان بلا بمسرّاتِ
سألتك: كيف أبدلت الفراشات الملونة
و بؤبؤ العيون
بصندوق من خشب
فرحلت لمملكة السكون 
وكنت بينَنا لم تستطب كل هذا الصخب
تركت بابنا الخشبي مفتوحا 
وأَنَرْتُ المصباح 
لكنك لم تعد كما عودتنا في الصباح
درّبتُ وجهي على ابتسامةٍ بلا معنى 
وصبرٍ يطولُ مع الدهر و تذريه الرياح 
ـ 3 ـ
خذيه إلى حضنك الدافئ
لقد أفناه الحنين
خذيه لعله لم يشبع ابتسامة الثغر الجميلة
والقهوة التي تعدين
لم ينس يوما خصلات شعرك 
ووشم الجبين 
خذي سواد شعره
والبشرة القمحية وهدوء اليدين 
خذي معه كلّ حزن السنين 

بركان  ¤   يوليوز 2008



الحسن رزوقي

28/04/2012

هي أبهى ليلة





 
إلى أمهاتنا

 -        تسمح أبي بالنوم معك هذه الليلة؟
ضممت سعدا إلي بحنو.. سيكون المنزل لبعض الوقت خاليا من عزيز لم يغب عنه أبدا.. يعمره حبا وحنوا.. غضبا رفيقا.. أسمع الغنة الرقيقة تُوقَّع بشجن"
 -      سيذهب وجع أمي  في المصحة؟
-       سيكون الطبيب بجانبها .. هناك لابد أن تكون أحسن حالا ... (أو أسوأ! ( حدثت نفسي. أخفيت ما بي من توجس وتابعت:
-        تعال سلم على أمك وحاول أن تنام .. غدا حين تفيق ستجدها بجانبك أو نذهب عندها..
  لدى الباب ... زمت شفتيها تكتم المغص المعاود عن طفليها خاصة .. عانقَتِ الولد وخاطبَته بتودد:
- كن عاقلا سعد!
ثم  توجهت إلى أمها:
-       كوني بجانبه حتى يعود أبوه.
ضمت سعادا.. بقيتا تتناجيان في صمت... أنثى مع أنثى... لحظة انصهار لا تعرفها إلا هن..
-       الله معك آبنتي!
قالتها الجدة بنبرة ضارعة وهي تفك الارتباط الحميم:
    همس سعد:
تغيبين أمي طويلا؟
-       لا.. ليلة أو ليلتين..
      أتوجس دوما من الغياب .. وهذا الغياب ليس أيَّ غياب ... ترى ماذا لو يحدث خطأ؟ .. أو لحظة غافلة؟ !.. الصحف ملأى بأخبار المآسي في مصحاتنا الخاصة المتناسلة التي أصبحت غرف عمليات فقط .. بعضهم يذهب أكثر .."ﯖـرنات بْنادم.".. أنقبض ... أقود سعدا إلى السرير فيتمدد ثانية .. أحُك خفيفا ظهره مطَمْئنا .. أنحني حاضنا إياه بذراعي. تغيب هواجسي إلى حين ..  من جديد .. يناغي سعد .. أحس تردده ..
-       تريد أن تقول شيئا سعد؟
    أحس حاجته إلى البوح بشيء ما ... يا الله! هل لا بد من التردي في هوة الغياب .. والوحدة حتى نحس بقيمة الحضور ؟!  كم ننسى أنفسنا في دوامة اليوميّ! ..
-       أبي ... سأستوحش أمي ...
       أتحسسه في الظلام، أمرر يدي على رأسه الصغيرة ..  تتبلّل عيناي .. أغص .. أتمالك قليلا ..
    - ستعود أمك .. ومعها هدية لك..ولنا ....  معك الآن أختك سعاد. . وجدتك صاحبة الحكايات..
    - أقول لك الحقيقة أبي .. أريد أخا .... سعاد كبرت علي .. وألعب دائما وحدي .. سعاد مشغولة دائما بدروسها .. أحيانا تنرفز أمي .. وسعاد قالت لي يوما لو أن أمي تلد يوما أختا!.
أضمه إلي ... هو إذن قد عرف . .من استدارة بطن أمه أم أن أخته أو جدته حدثته!؟
أنقبض فجأة ..
-       سيكون ماتريد .. وتريد سعاد .. نم الآن ...
اسحب الغطاء إلى غاية كتفه قائلا: حاول النوم. . الوقت متأخر... ستأتي جدتك بجانبك.. لا تخف ...
     بردهة  المصحة  الدائرية  بالطابق السفلي استقبلنا شاب رجانا أن نتبعه فدخل بنا مكتبا زجاجيا نصف دائري وسط الردهة. جلس على الكرسي فأخذ يسأل زوجتي اسئلة عادية ويكتب ما تجيبه به في سجل خاص .. بعد ذلك نادى: "مريم"! .. لحظة انشقت غرفة مقابلة عن امرأة كهلة، مليحة الوجه باسمة العينين والشفتين ترتدي وزرة الممرضات. تقدمت إلينا بخطى لا تحس .. أمر الشاب:
-       خذي السيدة إلى غرفتها ..
-       تَّبْعيني لالاَّ ..
       دارت المرأة نصف دورة، واتجهت نحو المصعد. ضغطت على زر. انفتح .. دخلته الأولى واستقبلتنا بوجهها ... بدت كأنها فوجئت بوجودي ... كتمت ضحكة نمَّت عنها عيناها ...  توقف المصعد في الطابق الثالث ... انفتح الباب، خرجنا منه ... سارت المرأة مدبرة ونحن نتبعها ... دخلت بنا غرفة مربعة .. اضاءتها بقابس في الجدار قرب الباب .. سرير أحادي.. أنابيب خارجة من الجدار فوق رأس السرير .. ومهد خشبي أبيض يعلوه قوس مكسو بغلالة ثوب شفاف أبيض .. ثم دولاب حائطي ببابين ..  طاولة جنب السرير بعجلات ..
-       إستريحي قليلا ... هنا سيدتي - قالت مريم -  سيحضر الطبيب بعد قليل ليفحصك ..
      رَنَت إلي زوجتي بعينين عليلتين .. تشعان .. لمست راحتي خدها المتورد من الألم .. ازداد توردا... من معاناة؟ أم أنها لم تتوقع مني هذه الحركة الحنون بمحضر السيدة. همسْت:
-       تمنيت لو كنت معك!
لا شك أن المرأة سمعتني .. قالت وهي تنظر إلي:
-       بعضهم يحضر ولادة طفله...هناك أمور لا ينبغي - في رأيي- أن نراها..! هي من أسرار ربنا.. و"ذيك هي حلاوتها !"
أحقا ما زال هناك من ويفكر ويتحدث بهذه الطريقة؟ !
.. تبادلنا أنا وزوجتي النظرات.. هي تعلم مني أمورا.. شغفتني  دائما بفتنة الحجب الموارية لبعض الأسرار .. صدقوني .. في زمن الفحص بالصدى  …والإيرام .. لم أعلم بعد بما في الأرحام !.. منذ مدة.. رأيتها تتبادل نظرات متواطئة مع سعاد وهي تنطق باسم ليلى. لم أسأل ما ليلى... ما سرها؟ وهي تعلم ما لإسم ليلى وسعاد عندي!
-       الآن ينبغي أن تغادر ..  قالت مريم بلهجة متصنعة للحزم. ضغطتُ على يد زوجتي... 
أبقيتها مدة حتى سمعت مريم تتوجه إلى زوجتي:
-       الراجَل واكَل عليك علكة صحيحة! سعْداتك يا لالاَّ..!
أزداد تورد خدي زوجتي وهي تبتسم.
  - كن راجل!  قالت مريم ضاحكة .. عد إليها غدا صباحا ... تكون إن شاء الله "جمرة" مفتحة !
-       غدا؟! انفلت السؤال ..
-       نعم! قالت مريم .. الساعة الآن العاشرة ليلا! .. بعد قليل تغلق العيادة إلا على الحالات المستعجلة .. لاشك أعطيتم تلفون المنزل أو المحمول في الاستقبال. اتصل بنا مرة أو مرتين ..  لنخبرك ...
أجبت بنعم ..
-       إذن .. ما عليك إلا الصبر إلى الصباح ....
أخذ القلق ينهشني من جديد .. أنَّى لي أن أصبر إلى الصباح؟
-       سعد وسعاد في حاجة إليك ... وقد أبطأت عليهما .. قالت زوجتي.
نزعت يدي من يد زوجتي برفق. وبنبرة مختنقة قلت:
-       أنا – تعرفين ! -  معك!
خرجت متبوعا بمريم .. وقبل أن يحتويني المصعد سمعتها تقول وكأنما رأت اضطرام داخلي:
-       اتصل بالمداومة بعد ساعتين... أنا "قابلة مريم" هذه الليلة .. اطمئن!
شكرتها .. خارج العيادة تهت قليلا بالمدينة شارد العقل .. دخلت مقهى مفتوحا كتب على واجهته 24/24 ... جلست على جمر .. تناولت قهوة سوداء أغالب النعاس .. وأنى لي .. نهضت .. بحثت عن هاتف خارجي لأتصل بالمصحة ... أجابني صوت رجولي مبحوح من النوم .. هي بخير .. لم تنزل لغرفة التوليد .. الطبيب قدر خروج الجنين عند الفجر أو الصباح ..
        إلهي ! ذهلت عن الصبيين وجدَّتهما .. لو يكونون قد ناموا  !.. أدرت مفتاح المنزل محاولا ألا أزعج أحدا .. هرولت الي  الجدة بعينين سائلتين بقلق .. أجبتها ... تسللت إلى غرفة النوم .. فالسرير .. لمست الصبي النائم في وداعة .. سعد .. سعد .. الحمد لله أن  نام الصبي .. لمست كومة اللحم الساكنة في الفراش .. هدأ روعي قليلا .. أحسست بالوسن يداعب أجفاني ... رأيتني واقفا بباب العيادة .. ينفتح تلقائيا ..ي سير بي بساط مرمر داخل الردهة ..  فالمصعد .. ينفتح بي تلقائيا .. يطير بي عموديا  بسرعة ضوئية انخطف لها قلبي، أنا  الآن داخل الغرفة حيث تركت زوجتي .. أراها ممددة في السرير، باهتة القسمات .. مغمضة العينين .. أتأملها. لم أرها أبدا بمثل ذاك البهاء وهي عليلة! أهو بهاء الأنثى لحظة انبثاق  الحياة من رحمها؟ انحنيت نحو العينين المغمضتين. قبلتهما .. أحست بأنفاسي الحرى .. فتحت عينيها الذابلتي .. من ألم أم جمال؟ .. تتحول شفتاي إلى اللمى الموردة تخالطها الزرقة فأهم بـ ... ينتشلني صوت سعد واقفا جانبها ... بابا !هذا أخي أنس... ويمد لي لفة  لم يبد منه إلا رأس وليد رفعها من مهد بجانب أمه .. ما كدت أرفع اللفة حتى سمعت سعادا من ورائي. . التفتت فإذا هي تحتضن لفة  أخرى يبدو منها فقط وجه جنين تمده إلي قائلة
-       بابا !هذه ليلى  العزيزة عليك وعليّ!
  أنذهل .. أتلاشى .. المصعد يهوي بي بالسرعة الضوئية إلى هوة سحيقة .. انخطف ... أصيح .. أصيح ... أنس .. ليلى ... سعد .. سعا ...
-       أبي .. أبي ..! مالك؟!
انتبه..  يهزني سعد بلمسات خفيفة على كتفي فوجهي..
-       لا شيء سعد...لا شيء..! نم عزيزي..
  الصمت يلف البيت.... يعم المدينة.. ولا نأمة... غير قطط تائهة مثلي تبحث عن لقمة في قمامة أو لذة.. أهرول ذاهب العقل نحو العيادة.. لا أحس نفسي.. أيليق بي أن أكون بعيدا.. غافلا... وهي في أقصى المعاناة ؟.. أو أقصى الفرح.. أو لا قدرالله... أخف الخطى أكثر فأكثر..
       تهليل الفجر من مسجد مجاور تناجي المطلق في سكون مطلق... يهدأ روعي لحين..تعاودني هواجسي... الصباح أهلَّ وهي هناك... أقصى العاناة... ماذا لو... أسمعُني ضارعا إلى من سهوت عنه طيلة  هذه الشدة.. يا فالق الفجر من الظلمات.. يا بارئ النسمات... سُلَّ النسَمة من غيبها بسلام. ورُدَّ إلينا  أمها سالمة.. . !

عبد المالك المومني


تصوير شنداد



أبهى ليلة ميلاد هو النص الذي قرأه الصديق عبد المالك المومني في ملتقى أبركان للقصة القصيرة  ¤ الدورة الثانية

26/04/2012

مصطفى شعبان في ضيافة البستان الشرقي


نشكر المبدع مصطفى شعبان على إجابته عن أسئلتنا من باريس، عبر البريد الإلكتروني، ونرجو أن يجد فيها زوار البستان الشرقي فائدة و متعة



مصطفى شعبان : كاتب مغربي مقيم في باريس. حاصل على الإجازة في اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الأول - وجدة.  وشهادة الدراسات المعمقة في تاريخ الفكر والفلسفة بجامعة باريس . ودبلوم الدراسات المعمقة في الدراسات الشرقية . يكتب الرواية والقصة، تستهويه منها مواضيع الهجرة والاغتراب، مما يحق أن نصف أدبه بأدب المهجر. وقد نشر أول عمل روائي عنونه ب:  أمواج الروح  - سيرة مهاجر سري في باريس. سنة 1998 في ثلاث طبعات ثم رواية معنونة ب: مرايا 2008 . ومجموعة قصصية عنونها ب: وردة الشاعر 2008.

 ننطلق من البدايات، ما هي الملامح والذكريات الباقية من أيام الصبا ؟ وهل تستلهم في كتابتك
مخزون تلك المرحلة؟


     - أعتقد ان الذاكرة تشكل مادة خصبة للابداع والمبدعين. و بالنسبة  للكاتب في المهجر فكل حياته التي عاشها في البلد هي مادة للحنين والذكريات. وتحضرني أحيانا هذه المادة للابداع. السوق في رواية :"مرايا"  كمكان ومتخيل للابداع هو جرس من الماضي يدق في الحاضر لكن بعوالم مختلفة.                                                    
                                 
 ماذا أضافت الهجرة لتجربة الأستاذ مصطفى شعبان الإبداعية؟    
                              
  -الهجرة جاءت بالانعطافة من محاولات الشعر الى النثر.

 ننتقل إلى الحياة العملية، كيف استطعت التوفيق بين المبدع و المهاجر المشغول بالواقع اليومي؟ 

فعلا التوفيق بين الواقع اليومي والعمل الابداعي صعب لكن كل شيء يهون في سبيل الابداع فهو عمر ينضاف الى حياة المبدع. وكما يقول التعبير المغربي "عذابه راحة".  

 الكتابة تحتاج إلى جو منفتح، و هذا قد يكون غير متوفر عربيا نسبيا، أنت تطمح للكتابة بخلفية 
 منفتحة و لكن القراء يوجدون في الضفة الأخرى كيف أمكنك أن تتخطى هذه الحواجز في كتاباتك ؟


   - أعتقد أن جو الكتابة أصبح اليوم أكثر انفتاحا وخاصة مع ثورة المعلوميات وثورة الربيع العربي. أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال، فالكاتب حينما يكتب يحاول أن يؤسس لشيء يسجل به خصوصيته ويغرس نفسه داخل تراث الإنسانية. يغرف من التراث ومن علوم أخرى تشكل مع القارئ قاعدة مشتركة. فهو يكتب لمتلق يستحضره في ذهنه ويريد التواصل معه. ولعل هذا الهم يسكن اهتمامات كل مبدع ليؤسس هويته التعبيرية ويضفي على إبداعه جمالية. وكتابي الأول أمواج الروح قد كُتِب له شيء من التجاوب مع المتلقي من هذه الزاوية فظهر في ثلاث طبعات و الرابعة في طريق الإنجاز.    

 أين تجد نفسك أكثر في القصة القصيرة أو في الرواية ؟ 

       - في الحقيقة أحببت الشعر ولم تطاوعني القوافي. كنت أحفظ الشعر في المرحلة الجامعية لعل الموهبة تنضج وأقرض شعرا. لكن لم أوفق في ذلك باستثناء محاولات لم يكتب لها النشر. وتحولت الموهبة في درب الغربة والاغتراب من الشعر إلى النثر وكان كتاب: أمواج الروح  سيرة مهاجر سري في باريس، هي ثمرة تلك الانعطافة من الشعر إلى النثر. أعتقد أن المواضيع هي التي تختار كيف سيكون قالبها السردي ويتحول المبدع أداة طيعة لها. هي أحوال ومقامات للمبدع المريد في تجليات الابداع. 



هل تشبه شخوصك أناساً حقيقيين صادفتهم في حياتك أو هي شخصيات من صميم الخيال ؟   

   - أعتقد أن تحديد العلاقة بين الحقيقة الادبية والواقع أمر صعب المنال فاالشخوص الإبداعية هي شخوص ورقية تتحرك في العمل الإبداعي بحرية . قد يستلهم المبدع شخصياته الفنية من بعض الشخصيات الموجودة فعلا في الواقع، إما ليكتب عنها صراحة أو يوظف شيئا منها أو... فشخصية المدني "الفكرور" في رواية : "مرايا" شخصية استلهمتها من شخصية واقعية كانت تأتي الى مقهى يأتيه المهاجرون، فوظفت بعض عوالمه في الرواية، لكن مسار الشخصية في الواقع ليس هو مسار الشخصية - الفنية- في الرواية . شخصية حنظلة: استلهمتها من قصة واقعية سمعتها في وقت ليس هو زمن الكتابة وكتبت عنها في زمن لاحق. لكن، لا الاسم ولا مسار الحكي يوافقان ما يرتبط بالواقع، فقد وظفت حنظلة بالشحنة التاريخية لناجي العلي. كذلك بالنسبة لشخصية :نيكولا في قصة "العبارة" استلهمتها من رجل متشرد ينام في العراء بجانب الكنيسة، لم أكن اعرف الرجل ولا اسمه ولم  أكلمه يوما. شدني تعلقه بالكتاب وهو يبيت في العراء. كنت  ألحظه حين  أخرج في الصباح من المنزل وحين  أعود. وهناك الكثير من هذه النماذج في باريس التي تعشق المطالعة حتى وان افترشت الأرض والتحفت السماء. لكن حين كنت  أكتب، كنت أستحضر الرجل في ذهني وتعلقه بالكتاب. فمساره في القصة ليس هو مسار الرجل الحقيقي الذي يبيت بجانب الكنيسة. فعلا شخصيته واقعية من حيث الحافز وفنية من حيث الابداع.

 حدّثنا عن تجربتك مع عالم النشر و التوزيع.                                                      
  
      -عن تجربتي مع عالم النشر ربما قد أكون محظوظا فالعمل الأول:  أمواج الروح  سيرة مهاجر سري في باريس.ظهر بفضل مدير مطبعة تريفة الاستاذ بنعيسى الذي بدد الصعاب، ورأى العمل النور في طبعته الأولى 1998 ثم تلتها الطبعة الثانية والثالثة. وبالنسبة لرواية :"مرايا" فقد دعمت من وزارة الثقافة. لكن الصعاب كانت في التوزيع . يكتب الكاتب ليتواصل مع القارئ وإلا لماذا يكتب؟

هل تتابع الحراك الثقافي في المغرب عموما و في بركان على وجه الخصوص ؟ما رأيك فيه؟  

     -إذا نظرت إلى المسألة من زاوية  الإبداع سواء أكان هذا الإبداع شعرا، أم قصة ،أم رواية، فرقعة الإبداع في اتساع مستمر، وتشارك فيه الأسماء الجديدة باستمرار، وتترك بصماتها على المشهد الأدبي المغربي بشكل متميز .أما إذا نظرت إلى الأمر من زاوية المشاركة -المقروئية- باعتبار المتلقي جزءً من العملية الابداعية فسيكون تقييم الحراك الأدبي في المغرب أو الوطن العربي   أنّه  في تراجع، و يعاني من أزمة القراءة ومواكبة الحراك الإبداعي. ناهيك عن المواكبة النقدية التي لا تواكب الابداع. ومدينة بركان تسجل حضورها بشكل لافت في المشهد الادبي المغربي، فهنيئا لها بهذا الإنجاز .

ماذا عن جديدك الإبداعي؟ 

  - نعم أشتغل على مشروع رواية تحتاج إلى بعض المراجعة لتكون جاهزة للنشر. وهناك مجموعة قصصية تتطلب هي الأخرى مزيدا من الوقت لمراجعتها. ورواية : العودة التي لا أعرف كيف أنهيها فالكثير من فصولها جاهزة لكن نهايتها لم تستقم. كانت تندرج ضمن مشروع ثلاثي يدور حول محور الهجرة وكانت أمواج الروح بدايتها.

 ماذا تقرأ الآن؟    

  -  أتممت قراءة رواية "عزازيل" والمجموعة القصصية : "الشيخ قارون" للكاتب أحمد  بلكَاسم . وللتنويع أعود مرة أخرى  الى": تاج العارفين " و"شرح الحكم".

 كلمة أخيرة للقراء و الأصدقاء في مدينة بركان.

   - أنا فخور جدا بهذه المدينة وبأهلها وبالحركةالإبداعية التي تتوسع فيها يوما بعد يوم. وتضمّ كل الفنون والرياضات فهي تستحق كل تكريم وكل خير.  
  وأتمنى المزيد من التراكم النصي في كل الأجناس الأدبية شعرا وقصة ورواية ومسرحا                                                                      
أعدّ الحوار : ذ . الحسن رزوقي



مصطفى شعبان
في ثانوية ملوية ¤ بركان
03.11.2011
© Yamal



أغلفة مؤلفات مصطفى شعبان


25/04/2012

الحلاق


لوحة : عبد الحفيظ مديوني


     ليس من عادتي أن أغادر البيت إلى العمل، قبل أن أتناول فطوري، ولا دون حلق ذقني، ذلك هو دأبي منذ نعومة أظافري، ومنذ رهافة زغبي. غير أنه في ذلك اليوم من أيام دجنبر الباردة الشاحبة ، والمقتضبة،  حصل العكس؛ فقررت أن أتناول فطوري خارج البيت، وأسلم أمر معالجة ذقني للحلاّق، لا بأس من المساهمة في تطور اقتصاد البلاد، والدفع بعجلة التنمية النائمة دورة إلى الأمام؛ إن أنا تخليت عن عادتي تلك، إما تقاعسا، أوتكاسلا.
           توجّهت رأسا إلى أسفل شارع مبارك البكاي لهبيل، أول رئيس حكومة مغربية بعد الاستقلال. حيث تصطف مزدحمة، بعض دكاكين الحلاقين، تتخللها دكاكين بعض السّاعاتيين الضيقة، تقابلها المقاهي الشعبية، التي كانت حتى عهد قريب، تعلّق أبواقا، ومكبرات صوت،  موصولة بآلة الفونوغراف، لتشنف أسماع روادها بأروع أغاني الشيوخ المحليّين: أحمد ليو، علي التنيساني،  محمد اليونسي، وعبد الله المكانة. وشيوخ من الجارة الجزائر، أمثال خليفي أحمد، حمادة، درياسة، المدني، بلخياطي، وأسطوانات لفنانين آخرين، لا تخلو من طرب، كوراد بومدين، ونورا، والعرفة، وبناصر وخويا وحادة وعكي.كل بوق بما فيه ينضح ويصدح، جلبا لزبناء يجزون أوقاتهم، متلذذين بفناجين القهوة لَمْغَلْيَة، وكؤوس  الشاي المنعنع، و المشهشب.
           أن يكون هناك فرق بين من هم في أعلى هرم المجتمع، وبين من هم في سفحه، فهذا أمر أضحى من بديهيات الأمور، منذ أن ألقى الله بآدم من رحم الجنة إلى قدمي الأرض، لكن، ما لم أستسغه، هوأن تنتقل هذه العدوى إلى الجماد، مهما كان نوع هذا الجماد: قاعة سينما، عمارة، باخرة، شارع، أو مدينة. دائما يحظى الأعلى بما هوأفضل، وأنقى، وأجمل، ففي الشارع المذكور يوجد في أعلاه: المسرح الملكي، ثانوية أبي الخير، بيوت بعض المستعمرين، النظيفة الأنيقة، وغير بعيد عن ذلك، تقبع الباشاوية التي تحولت فيما بعد إلى عمالة، محفوفة بحدائق وإن كانت متواضعة، مسندة جنبها إلى المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي،  حيث يقلّ هناك الصخب، والهرج والمرج، وتكثر الأشجار والأزهار، والرصيف يحتفظ برونقه فزليجه، لا يشكو من زحف الفضلات، والمتلاشيات عليه. بينما أسفله يعاني الأمرين من الحفر، وبقع زيت محركات السيارات، وانبعاث الروائح الكريهة من البالوعات المخنوقة، والرصيف رفع راية الاستسلام، أمام غطرسة القمامات، محج مختلف الحشرات المرئية والمجهرية، النازفة بسوائل مقززة، تثير الغثيان.
      إلى غاية كتابة هذه السطور، لم أجد تفسيرا مقنعا لهذه الظاهرة المستعصية على الفهم، والتي يبدو فيها الفرق بين ما هو أعلى، وما هو أدنى، كالحد الفاصل بين الروح والجسد. مع العلم أن أعلى غصن في أعلى شجرة، يأتيه غذاؤه من أسفل الجذر المطمور في أسفل التراب بكل تفان وإخلاص، وأن ناطحة السحاب المتباهية بقامتها المديدة نحو عنان السماء، ماكانت لتصمد ولو طرفة عين لهبة نسيم، لولا أساسها الضارب في عمق التربة بكل صمود وتواضع.وكذلك ابن آدم، يظل ممتنا في حياته للأرض التي يدوسها بلا مبالاة، ففيها منشأه ومأكله ومشربه، وملبسه، وفيها مدفنه. كما أن القمر لايستوي على عرش الضياء بدرا، إلا حينما ينفلت من أسفل العتمة.
          شعرت بالارتياح، لما رأيت  مقعد الزبناء شاغرا، في المحل ذي المساحة الضيقة؛ ثلاثة أمتار على مترين، أرضيته تشبه أرضية فصل دراسي قديم، تزخر بمربعات بيضاء، وسوداء من الزليج، رصت على شاكلة رقعة الشطرنج، جدرانه كالحة، على الرف الزجاجي وضعت آلة الحلاقة اليدوية، التقليدية، بجوارها تنتصب في شموخ قارورة عطر سعة لتر واحد، نصف مملوءة،  مميزة بصورة فتاة تعتمر قبعة كوي بوي كبيرة، كما وضعت علبة لمسحوق طالك صفراء، وفوق الرف عُلّقت المشحذة، وبضعة مقصات، مختلفة الأحجام والأشكال، والحلاق منكبّ، يرتب، ويوضب عدة عمله فوق المنضدة، والكرسي شاغر ينتظر أول جالس يحتضنه.
             -  السلام عليكم ورحمة الله.
   - وعليكم السلام، ورحمة الله تعالى، وبركاته.
   - أريد حلق ذقني لو سمحت.
بعدما نزع ورقة من اليومية العصرية المحفوفة بإكليل من سنابل القمح، التفت إلي وقال:
   -  تفضّلْ.
   - شكرا.
   -  على بركة الله.
             شرع يضغط بقدمه على دواسة أسفل الكرسي الوثير، ليرتفع رأسي إلى مستوى صدره، ويكون في متناول راحتيه، فأمرني بأن أعدل من جلستي مسندا رأسي إلى مسنده، فصرت أرمقه بنصف عيني، عبر مرآة الصالون التي مكنتني من رؤية ببصيص من البصر الشارع. بعدما  زرّر وزرته الزرقاء، التي تخفي  بذلة سوداء، بدأ يطلي حنكي بمعجون الصابون مستعينا بأطراف أنامله الرقيقة، شعرت به باردا، ثم بلل  فرشاة الحلاقة بالماء بغية ترطيبها، وأخذ يمررها على الذقن الشائك، بحركة دائرية من أسفل الذقن إلى الأعلى، ثم من أعلى الخدين إلى الأسفل، فشعرت هذه المرة بالدفء يطرد البرودة. واستسلمت لنعومة الصابون، والفرشاة، و تمنيت لو أنها تستمر لمدة أطول، وتنتقل لسائر جسدي. فجأة توقف عن الدّلك، ووضع الفرشاة في إناء شاحب اللون، ودون سابق إنذار ولاّني ظهره، واتجه بسرعة نحو الباب، حرك رأسه يمنة ويسرة ماسحا به الشارع، الذي بدأ دبيب الأقدام يتصاعد فيه. حينئذ، لمحت شعره المنسدل على رقبته، شعرا خفيفا، بدا كذيل ابن آوى، تركه يسترسل، ليخفي به غضون عنقه الغائرة.
            ظننت أنه تركني رهين رغوة الصابون، يريد امتصاص نفس من الهواء الندي، أو يود تدخين سيجارة أولمبيك الشقراء، أو فقط يريد تثبيت كال شمة، هنيهة ثم ولّى مقبلا عليّ، منكّسا هامته، وهو يستغفر، و يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أجال بصره في المرآة ممتعضا بحثا عن وجهي، عيناه الخابيتان بدتا صغيرتين، وضيقتين، خلف زجاج نظارتيه الطبيتين، السميكتين، المشدودتين بخيط أسود إلى الرقبة. وقد تنهد تنهيدة طويلة، ثم زفر بآهة عميقة، ولسانه ما انفك يستغفر ويتعوذ، بينما أنا غارق في بحر تكهناتي، أبحث عن سر تلك التنهيدة الحادة، والآهة السحيقة، المنبعثة من جوف معدته: أتراه تذكر موعدا مهما، وفوت على نفسه فرصة لكسب صفقة مربحة، أم ترى جاره بائع الإسفنج أغاضه، أم ترى سهام المديونية أدمت فؤاده، فنزف تأوها واستغفارا، أم ترى ذخيرته من شفرات الحلاقة  نفدت، والذقن موشح بالبياض، لا هذه ولا تلك، أكيد أن شعر رأسي الناعم، اللمّاع، الذي أتباهى به أمام أقراني وزملائي، وزميلاتي قد صار مرتعا لأسرابِ الصيبان، و جحافلِ القمّلِ والقرّادِ،لعنة الله على الهيبي، وما يأتي منه. لم أستطع الخروج  من خضمّ حيرتي لأوجه إليه السؤال مباشرة عم حلّ به ، إلى أن انتشلني هو منه قائلا:
  - نظرت نظرة اشتهاء إليها.
  - حتى أنا نظرت إليها باشتهاء وبتلذذ.
  - هل رأيتها أنت أيضا؟
  -  نعم.
  - متى، وأين؟
  -  قبل أن أدخل إلى الصالون، رأيتها ناضجة تنتظر فقط من يمد يده ليلتهمها.
  -  أين؟
  -  رأيتها تتبختر راقصة في المقلاة.
  - أية مقلاة؟
  - وهل هناك من مقلاة، غير مقلاة جارك السفانجي؟
  -  عمن تتحدث؟
  - عن الإسفنج.
  -  ياسيدي، أنا أتكلم، عن تلك المرأة التي مرت، وأنا أطلي ذقنك بالصابون.
  - ذلك الشبح المتلفع بالبياض، الذي مرق قبل قليل منتشيا بصوت حذائه؟
 - أجل،كانت ترتدي حايك، أستغفر الله، وأعوذ به من الشيطان الرجيم. إن النفس لأمارة بالسوء!
       بعدما أنهى عمله بنجاح دون ندوب، أزاح المنديل من حول عنقي، وحمل قارورة عطر، وشرع يضغط على كرية صغيرة، بحجم بيضة، موصولة بأنبوب مطاطي إلى زجاجة، فراح يبخ على ذقني رذاذ الكولونيا، الذي عادة ما يجعل شعر رأسي يتقنفذ، وعينيّ تدمعان.

بركان/12/2011

أحمد بلكَاسم

القاص أحمد بلكَاسم
يقرأ أقصوصته : الحلاق
2في ملتقى أبركان للقصة ¤ د
20 ¤ 04 ¤ 2012



24/04/2012

عبد الجبار السحيمي في ذمّة الله

  فقد  الأدب و الصحافة في المغرب صاحب الممكن من المستحيل و بخط اليد عبد الجبار السحيمي، أمس الثلاثاء 24 أبريل 2012 ... رحمه الله و ألهم ذويه 
الصبر و السلوان ... و إنّا لله و إنّا إليه راجعون 

الممكن من المستحيل
قصص
عبد الجبار السحيمي
مطبعة الرسالة  ¤  الرباط

صورة الراحل عبد الجبار السحيمي
و كلمة الأديب محمد الصبّاغ

لقاء مع عبد المالك المومني بعين الرقادة


نظّم المجلس البلدي لعين الركَادة، بتعاون مع المجلس القروي لفزوان لقاءً تواصليّاً مع د. عبد المالك المومني، عشية السبت 21 أبريل 2012، بمركز التربية و التكوين بعين الركَادة

افتتح اللقاء السيد بنيونس زياني رئيس بلدية عين الركَادة، مرحبّا بالمبدع عبد المالك المومني في مسقط رأسه، و بمرافقيه من أصدقائه، كما شكر الحضور الكرام، وعبّر عن عزم بلديته على تنظيم ندوات تخص ما يصبّ في التنمية المحلية : اجتماعيا و ثقافيّاً.
ثم أحال الكلمة للأستاذ جمال قادة الذي قدم مداخلة عن أزجال المبدع المحتفى به، من خلال ديوانه : ريحة  البلاد خضرا. و تلا ذلك د. عبد المالك المومني بكلمة مؤثرة، عبّر من خلالها عن سعادته القصوى، و هو  على ربع طفولته، و بين أحبّته و خلاّنه  ثمّ قرأ  نصوصاً من أزجاله، ختمها بخليل الصغر من :  ريحة  البلاد خضرا.

و قبل أن يفسح السيد رئيس  بلدية عين الركَادة المجال لتدخلات الحضور، قرأ الشاعر الزجال أحمد اليعقوبي نصين، أولهما مهدى للمبدع عبد المالك المومني.
و قد أعرب المتدخلون، من ساكنة عين الركَادة و فزوان و أحوازهما، و من مبدعي بركان و نواحيها؛ عن تقديرهم للأديب عبد المالك المومني و محبّتهم له ، و عن استعدادهم للإسهام في أيّ نشاط ذي منحى اجتماعي و ثقافيّ هادف.

و مدوّنة البستان الشرقي تثمّن هذه المبادرة، و ترجوها فاتحة نشاط ثقافيّ دؤوب، و تشدّ بحرارة على أيدي كلّ من يكدّ من أجل النبل و الجمال، خافياً 
 أو ظاهرا


 تصوير حميد

 تصوير حميد



23/04/2012

20/04/2012

لقطات من ملتقى أبركان للقصة القصيرة في دورته الثانية





انطلقت أشغال الدورة الثانية لملتقى أبركان للقصة القصيرة، الذي تنظّمه  جمعية أبركان للثقافة و التراث  ، يوم 19 أبريل بالنادي الثقافي لملوية،   وكان برنامج اليوم الأول كما يلي :

الثالثة والنصف بعد الزوال:
استقبل الضيوف بإيقاعات تراثية من أداء مجموعة العرفة بأبركان .
الرابعة  بعد الزوال:
افتتح الملتقى و تضمنت جلسة الافتتاح كلمات كلّ من :
رئيس مجلس  بلدية بركان
مدير المجلس الإقليمي للسياحة ببركان
ممثل جمعية أبركان للثقافة والتراث
ممثل مؤسسة الأعمال الاجتماعية للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي ببركان.
تلت كلمات الافتتاح تقاسيم على العود .
ثم تبعتها الجلسة النقدية الأولى: "الجسد في القصة المغربية"، بمشاركة  محمد بنسعيد، بمداخلة عن السخرية والجسد في مجموعة لعنة باخوس لأحمد بلكَاسم، وعبد الرحمان التمارة بمداخلة عن الجسد في القصة في المغرب من خلال نموذجين لمحمد العتروس وزهرة رميج. وقد سيّرها محمد العتروس
ثمّ تلت المداخلتين النقديتين بضعة تدخلات نقاشية
و بعد فترة استراحة، على السابعة مساء، انطلقت  جلسة القراء ات الإبداعية الأولى التي سيّرها جمال قادة وشارك فيها :
أحمد بوزفور،  صالحة سعد، ، محمد المباركي، بلقاسم سيداين، ربيعة عبد الكامل، عبد الحميد الغرباوي،   حسن المزوني ، عبد المالك مومني، محمد الشايب.