30/03/2010

أطفال الليل


أطفال الليل
رواية
معمر بختاوي
منشورات دار التوحيدي
الرباط 2010

¤¤
كنت قبل تجربة العمل، أسمع عن الفيرما و الورد و الكابران و الرومي و الساقية و القصبة و الخطوط ... و أسمع أن البنات يعملن في الفيرما أيضاً ... و لكن لم أكن أفهم من كل هذا شيئاً. كان كلّ شيء يبدو لي غامضاً و ملتبساً. أتساءل ما شكل هذا الورد و كيف يقطف، و ما رائحته. و لماذا لا يعمل فيه الرجال الكبار. و لماذا يقطف في الليل و ليس في النهار. و ما حكاية البراعم الصغيرة التي تتفتح كلّ
مساء. و لم يعود الناس إلى بيوتهم للنوم بينما نحن نذهب للعمل. و لم كلٌ هذا العذاب؟

ص : 10


29/03/2010

مقام الصدى


مقام الصدى

 شعر

 محمد ماني

طبع : شركة مطابع الأنوار المغاربية ¤ وجدة

2O1O
تصميم الغلاف : لطفي اليعقوبي

26/03/2010

الملتقى الثقافي الثالث لإقليم بركان

برنامج الملتقى

31.03.2010

الثالثة بعد الزوال

الافتتاح
قراءات شعرية مغاربية
فواصل موسيقية
افتتاح المعارض

السابعة مساء

عرض مسرحية مفتاح الكنز

01.04.2010

الرابعة بعد الزوال

ندوة حول الرواية المغربية الحديثة
د.حميد الحميداني * د.عبد الرحمن بوعلي

السادسة مساء

أمسية شعرية

02.04.2010

الخامسة مساء

ندوة حول الجهوية
رؤية ثقافية للجهوية المتقدمة
د.فوزي الصقلي - مدير مهرجان الموسيقى الروحية
أ.علي بلحاج - رئيس الجهة الشرقية

03.04.2010

الثالثة و النصف بعد الزوال

حفل توقيع رواية أواق الرماد - محمد العتروس

السادسة مساء

لقاء مع أ.د.محمد لعروسي - مختص في جراحة القلب في الرباط

السابعة مساء

اختتام أشغال الملتقى

ملحوظة
سيتم بالمناسبة تكريم نزلاء دار العجزة خلال إحدى أمسيات الملتقى

المكان
النادي الثقافي لملوية * بركان

25/03/2010

إيحاءات الزمن في ديوان" ياما غدا العيد: قصائد من زمن الرصاص" للزجال يوسف الطاهري


يا مّا غدّا العيد
زجل
لوحة الغلاف : حسن البركاني
مطبعة تريفة بركان
ط 1 * 2010


لا يختلف اثنان في كون العنوان أولى العتبات التي تواجه القارئ، والبوابة الفسيحة التي يدلف من خلالها إلى عرض المؤلفات، وهذا ليس اعتبارا للفضاء الورقي الذي يشغله، بحيث يشكل أولى العناصر التي يقع عليها بصر القارئ، وإنما اعتبارا لسلطته المنهجية في القراءة ووظيفته التعاقدية(1 ) مع المتن، فهو يؤثر في أي تأويل للنص، كما يخبر بشكل شمولي- ولو على سبيل التلميح والإشارة- عن القضايا الكبرى التي يسعى المؤلف إلى الاحتفاء بها


يأبى الشاعر منذ البداية إلا أن يسلمنا مقاليد الولوج، وأن ييسر لنا سبل التواصل مع هذا الديوان ولو على سبيل التنبؤ والافتراض تجنبا للعنت أو التيه والزيغان، ولعل أول مقلاد يضعه الشاعر بين أيدينا هو بنية الزمن التي يضطلع بها العنوان الرئيس لهذا الديوان والتي تجسدها لفظة " غدا العيد"أو ما ورد في العنوان الفرعي تصريحا " زمن الرصاص". فهذه البنية الزمنية تتيح للقارئ- بدون شك- أن يتولج في أعماق النص ويدرس العلاقة بين الدوال ومشكلات النص فيشرحه من الباطن تشريحا يكشف عن خفاياه ويبدي عن طواياه
(2 )

لقد أتاحت بنية الزمن تجزيء هذا الديوان إلى مرحلتين تاريخيتين من تاريخ المغرب
المرحلة الأولى: يمكن وسمها بزمن الاحتقان السياسي
المرحلة الثانية: اصطلحنا عليها زمن الانفراج السياسي أو ما يدعوه الساسة بالانتقال الديموقراطي

فمن المرحلة الأولى التي تمثلها القصائد الثمانية الأولى(هذي قصة على حياتي- يا ما غدا العيد- مرزوق الإرهابي- العاشق العذرى ومقدم الدوار- فراق لوطان- ليلة الحرب- حكاية من السوق- سيدي القاضي) نستجلي جانبا من سيرة الشاعر الزجال، فهذه القصائد كتبت أو بالأحرى انكتبت في ظروف خاصة عاشها الشاعر فضمنها برحاءه. لقد وجد في لغة الزجل المادة المطواعة التي تسعفه في التنفيس عن الكرب والتخفيف من المعاناة، وتسجيل لحظات تاريخية عصيبة من حياته، يحكيها في أولى قصائد الديوان"هذي قصة على حياتي" غير أنه بالرغم من الأسى والمعاناة المتجليين في القمع والقهر الممنهجين والتسلط المخزني التي زادتها الغربة اكتواء بلظى نارها، فالشاعر يأبى إلا أن يخرجنا من سوداوية اللحظة إلى إشراقة يوم جديد " غدا العيد" فبأي حال عدت ياعيد؟

كما يمكن للقارئ أن يتبين التوجه الفكري للشاعر وأن يموضعه داخل الخريطة السياسية المغربية، بالإضافة إلى تناول قضايا أخرى اجتماعية وسياسية واقتصادية أبى الشاعر إلا أن يعريها ويكشف عيوبها من مثل حقوق المرأة وذلك من خلال قوله: الفقها رسمو ليها في الخرجات

وحدة للحياة وحدة للممـــاة

و مشاكل الهجرة والمهاجرين في ديار الاستقبال، كما في قصيدة "فراق لوطان" والشاعر يتقاطع في هذه القصيدة مع "شيوخ" المنطقة( الشيخ علي التنيساني-الشيخ محمد اليونسي- الشيخ أحمد ليو) الذين أبدعوا في هذا الموضوع، وخلدوا أسماءهم في سماء القصيدة البدوية الشعبية،هذا بالإضافة إلى مشاكل أخرى من مثل غلاء الأسعار وإغراق البلاد في الديون، والبذخ والمجون لكبار رجالات الدولة على شاكلة الحاج ثابت.

تمثل المرحلة الثانية قصائد(حكا لي طير البيضاء- هذي قصة على بلادي-حكايتي مع برارج- اسمع لي يا السامع- برارج يالطير الولهان- برارج يالحاكي- برارج يالشاهد- أهوال الغربة- يامحنتي طاوعيني- القلم الخاوي)وهي قصائد تزاوج بين النقد اللاذع والسخرية السوداء بما يجري في الوطن، ذلك بأن الشاعر يجد في الديموقراطية التي تلهج بها ألسن الجهات المسؤولة شعارات جوفاء ليس إلا. ويبقى التغيير والانتقال والتحديث...مصطلحات لا تنفك تغادر قواميس اللغة؛ لأن دار لقمان ما تزال على حالها بالرغم من كل الهرج والمرج اللذين تحدثهما وسائل الإعلام الرسمية، فما تزال البحار تلفظ في كل مرة العشرات من أبنائنا، وما تزال طوابير من شبابنا من خريجي المعاهد والكليات ينتظرون حظهم في الحصول على عمل، ونظامنا التعليمي في مراتب لا يحسد عليها بالرغم من الإصلاحات والمخططات، وقصيدة "هذي قصة على بلادي" أبلغ تعبير عن كل هذا

إن الزجال وهو أحد أبناء الوطن المغتربين يأخذه الحنين إلى وطنه، فيسعى إلى معرفة كل ما يجري هناك، ويطلع على كل صغيرة وكبيرة في مدينته، فكيف السبيل إلى ذلك في زمن استؤجرت فيه الأقلام، وغدت الصحافة ووسائل الإعلام مرايا معتمة تزوق الواقع وتصبغه بالمساحيق؟

إن نباهة الشاعر قادته إلى مجالسة أحد أقدم من عمروا المدينة الذين يختزنون أسرارها والذين عايشوا أفراحها وأتراحها، إنه اللقلاق الأبيض (برارج) المرابط إن اختيار أو عن طريق الصدفة بأحد الأمكنة الاستراتيجية(*) بالمدينة حيث ضريح الولي الصالح سيدي احمد أبركان، والمستوصف، والسجن، و واد شراعة، والمقبرة، والموقف(**) و أقدم معلمة ثقافية وهي مقهى الشيوخ....فاختار هذا الكائن أن يرقب هذه الفضاءات بل وكل المدينة من أبراج عالية: مئذنة المسجد الكبير وأشجار الصفصاف العظيمة، ولا أظن أننا نجد في المدينة علوا يتجاوز قامة هذه المئذنة وهذه الأشجار التي اختارها اللقلاق مأوى له

بعد كل هذا أليس غريبا أمر هذا اللقلاق؟ أليس أولى بالتكريم والتعظيم بدل قطع أشجاره وإتلاف أوكاره؟ لقد كان الشاعر أكثر نباهة كما أسلفت الذكر، حينما أجرى حواره مع هذا الكائن الذي يمثل ذاكرة المدينة، فكثيرة هي القضايا والأخبار التي سيتم الإفصاح عنها في إحدى أطول قصائد هذا الديوان. أترك للقراء فرصة استكشافها

****
-1-
عتبات الكتابة مقاربة لميثاق المحكي الرحلي العربي – عبد النبي ذاكر- مجموعة البحث الأكاديمي في الأدب الشخصي – كلية الآداب أكادير-ط1-1998-ص:13  
-2-
- بنية الخطاب الشعري: دراسة تشريحية لقصيدة أشجان يمنية- عبد الملك مرتاض- دار الحداثة للطباعة والنشر-بيروت-1986-ص:
187
 توجد محمية طبيعية للقلاق الأبيض وسط المدينة *
 ساحة يقصدها الباحثون عن العمل في الحقول الزراعية وأوراش البناء فجر كل يوم **


محمد رحو * بركان
 

من حفل توقيع ديوان ي.الطاهري
بركان
26.02.2010

15/03/2010

وجدة حاضرة الألفية

وجدة حاضرة الألفية
 أعمال ندوة الذكرى الألفية لتأسيس مدينة وجدة 994م ـ 1994م
 تنسيق : المصطفى مولاي رشيد
 الطبعة الأولى 2003

محتويات الكتاب
المحور التاريخي

مضيق الأعمدة و الجوار الموري ـ الإيبيري حسب المصادر الأدبية القديمة * المصطفى مولاي رشيد
تابحريت ساحل مدينة وجدة * محمد حمام
العلاقة بين بني مرين و بين عبد الواد و انعكاساتها العامة * إبراهيم حركات
مليلة و مشروعية الوحدة الترابية * حسن الفكَيكَي
وساطة السلطان محمد بن عبد الله بين الجزائر و اسبانيا 1768م ـ 1784م * يحيى بوعزيز
Place et rôle des hommes de Taforalt dans l'évolution de l'homme au Maroc * A.Ben ncer
Historique récent du peuplement d'Oujda * Ahmed Elarabi
المحور الطبيعي و الاقتصادي

التدهور البيئي و خطورة التصحر بالمغرب الشرقي * شاكر الميلود
النزوح القروي و عواقبه على قرية لبصارة : السفح الجنوبي لبني يزناسن * كرزازي موسى

المحور الأدبي و الثقافي

نخبة من أعلام وجدة في العصر الوسيط * محمد المنوني
رواد علم المنطق بشرق المغرب الوسيط 1300م ـ 1500م * عبد السلام بن ميس
جوانب من الإنتاج الأدبي الحديث في المغرب الشرقي أو الحضور الثقافي و الإبداعي للمنطقة * محمد خرماش
من أعلام مدينة وجدة الشاعر محمد بن علي الوجدي الغماد المتوفى سنة 1033ه * نجاة المريني
هذه أنجاد : قصيدة شعرية * المهدي زريوح
الببليوغرافيا العامة لوجدة و المنطقة الشرقية إلى حدود سنة 1993م * المصطفى مولاي

04/03/2010

Les coquelicots de l’Oriental

Coquelicotsde l'Oriental

Brick OUSSAID


Les coquelicots de l’Oriental
La Découverte - Paris 1984



أثير انتباه زوار البستان الشرقي إلى هذا العمل الأدبي الذي أعتبره، شخصيّا، أروع ما كتبه أبناء شرق المغرب

02/03/2010

الفَـلَــقـَـة






 لن يجددوا لك بطاقة الإقامة إن لم تناقش بحثك، قبل شهر سبتمبر

قال الأستاذ المشرف

سكت الطالب حسن. تجرعها حارة،يتفطن لمن حوله من الطلاب. يتحسس نظرات وجوههم. لكن لم تحضرالدرس الشقراء الوحيدة، ذاك اليوم، شباكه منشورة في بحرها. كانت عيناه تجسّ النبض، تلتهب أحيانا، وخاصة، حين تحّييه تحيّة باسمة. تدغدغه الابتسامة فيتجرأ على جرّ الشباك المنصوبة، لكن سرعان ما يتردد. يترك كل شيء في الأعماق إلى حينه

 زميلات الفصل يسقطن في شباك الآخرين. ذاك تصوره 

 الشواطئ للعامة والبحار للبحارة وحدهم يعرفون كيف يغوصون في الأعماق.  ذاك تصور عباس

فأيّ المدارس على حقّ ياحسن ؟

قال في نفسه

لوّح بنظرة مقتضبة في الفصل، عاد بعينيه إلى كراسته

 "شقراء أخرى، حضرت الدرس للمرة الأولى. أما الباقي فطلاب عرب لا غير."اللي وصلني يوصلك".  كما قال الحلزون 

ردد المثل الشعبي في نفسه

اعتدل حسن في جلسته. غمرت وجهه حمرة. تبلل بدنه. انساب على ظهره عرق بارد. كان حسن يعلم أن تجديد بطاقة الإقامة في الميزان، لكن جاء يبحث عن ورقة يمضيها الأستاذ، لعلها تشفع له في مغامرة يقوم بها من أجل تجديد أوراق إقامته. بطاقة مرحلية تتجدد في كل سنة، شروطها متشعبة، ومتعبة. تبدأ إجراءاتها سهلة في السنوات الأولى، لكن سرعان ما تدخل عنق الزجاجة، وتصطدم بالسِدادة، خاصة حين ينسى الطالب أن عقدة إقامته غير دائمة. بطاقة إقامة غيرمستقلة، تلصق على الجواز. عليها عبارة تذكير:لاتسمح بالشغل إلاإذا كانت مرفوقة برخصة استثنائية للعمل. عبارة تزيد البحث عن العمل تعبا

في الحصص الأخيرة، واظب حسن على الحضور. حاول أن ينجز القسم الأخير من البحث، لكن أغفل عمله في المطعم. انزعج مسؤوله في الشغل لكثرة الأعذار. أعذار أصبح يقدمها كل مرة، تقلق الشاف السيد شارل الذي لايقبل أي تأخير. ويجن جنونه عند حدوث أي غياب، مشاكل الخارج يريدها أن تكون بعيدة عن العمل

 أتفهم وأقدر مشاكلك، لكن هذا عمل ولاأريد ان يتكررغيابك أوتأخيراتك 

: أضاف الشاف شارل قائلا

 أتمنى ان تكون هذه هي المرة الأخيرة

تلك كانت وصيته في الأسبوع الأخير

اشتد الخناق على حسن. مرّعام بعد عام ولاحيلة أصبحت تنفع، سيل من الأسئلة يهاجمه من كل صوب
 أين أنت ذاهب وما مصير الدبلومات التي حصدتها وستحصدها ؟

! كل حياتك دبلومات، ولا شغل اشتغلت بها يا حسن

الزواج.. الزواج هو الحلّ لتسوي وضعيتك القانونية. (قالت الجوارح المتعبة

 ستتحول من طالب إلى عامل.. عامل.. مهاجر..مهاجر. (قالت الجوارح الصامدة

 و لكن ستخف مشاكلك. هي الورقة الأخيرة الباقية لك في زمن العولمة، تلك قسمتك فاقبلها

 ستتقلص يوما بعد يوم وتعيش على حال خطوة إلى الأمام وأخرى إلى الوراء، وكبيضة في السوق الأسبوعي يقلبها الشاري في قبضة يده ممعنا حجمها: كبيرة، صغيرة

يتساءل عن الدجاجة التي ولدتها : بلدية أم رومية

! اندمج لم يندمج

سؤال يبقى سؤالك. وأنت في حال دخول وخروج، هي القراءات التي لاينبغي أن تستثنيها

عادت الجوارح المتعبة تتحدث

... أبوك يقبل. حكومة بلدك لن ترفض

 وعشيقتك؟

تنتظرك.. فلا تحرمها من حبك . قالت الصامدة

الأستاذ دنيال يشرف على البحوث. يخصص بعض الدقائق في آخر كل حصّة لإمضاء بعض الأوراق للطلاب. كل مرة يدفع اللوم عن طالب، فيمد الإسعاف لسفينة مهددة بالغرق. أُقحم في هذه الأمور، لم يكن يريد الإبحار فيها. ولا يستطيع أن يترك السفن لحالها مع البحر.

الطالب حسن يعتدل كل مرة في جلسته. حاضر غائب عن هذاالفصل: تائه. من النافذة تصل إلى مسامعه شذرات موسيقية متقطعة. يعزفها طلاب من شعبة الموسيقى. إنها فرقة تتشكل. تتدرب على العرض بمدخل الكلية لإحياء عيد الموسيقى، جوّ ماي يساعد على ذلك

حسن لايتابع العرض، تائه عن هذا الفصل: متدفق في الذكرى ثلاثة صفوف في الفصل؛ فصل مكتظ بالتلاميذ، معلم يطوف بين المقاعد وعصا صغيرة تدور في يده، يخيف بها ولايضرب. يسمي الضرب الفلقة. حسن يجلس في الصف الأول. يستمع للمعلم بإمعان. يشارك في القسم

 ( إن لم تقم بواجباتك ستأكل الفلقة. (يقولها المعلم تخويفا 

عبارة بوّلت حسن في ملابسه. كان الخوف من الفلقة يدفع القيام بالواجبات المدرسية. فلقة المعلم أقلّ من فلقة الكُتَاب. الكتّاب مفروش بحصير، تعليمه يسبق المدرسة. عوّض فيما بعد بالروض. كان التسجيل في الكُتَاب، يتّم بغير سنّ محددة، لكنها في الغالب متقاربة، في الصيف يلتحق تلاميذ المدرسة بالكتّاب. تلاميذ يرغب لهم أباؤهم في التعلّم والتحصيل، تبعد أمهاتهم مشاغبهم من البيت. يجتمع تلاميذ المدرسة وتلاميذ الكُتَاب. تتفرع مدارس الشغب، يكثرالهرج والمرج فينعدم التحصيل والتعلم. وتحضر أشكال الفلقة في الكُتَاب

كانت فلقة القيلولة أشد الفلقات، تأتي بعد الظهر؛ ما بين الثانية والرابعة. تزيد نرفزة الفقيه بحدّة. يستعمل العصا التي يتكئ عليها لضرب من لم يحفظ لوحه ومن يثير الشغب. تسمى أقصى الفلقات "بالتحميلة "

حين يشتدّ الحرّ، يستريح الناس في قيلولة. يسترخي الفقيه فيغالبه النوم، يغفو في مكانه. يتمايل ثم يعود ليصيح مرات منبها

 إقرأوا ألواحكم

تعلو الأصوات بالقراءات الخائفة. خلية نحل تغلي. يعود الفقيه لغفوته متثائبا. ينتشر النوم بين الكثيرين. يتمايل التلاميذ على الألواح الخشبية. تتصبب جبين حسن عرقا، يتمايل في انحناءات متواترة على اللوح. غفوة تهاجمه. العرق يسيل، واللعاب خط متواصل، يمتزجان ثم يقطران خليطا على اللوح. تضيع الكلمات المكتوبة، فتتشكل لوحات تشكيلية. يصعب طلب إعادة كتابة الكلمات من الفقيه إن لم تكن محفوظة. شيئا فشيئا، تصغر البقعة الممزوجة باللوحة، تغيب بالبتة يدخل حسن إلى حديقة الحيوانات. تتسع الحديقة، كأنهاالكرة الأرضية. كل جهة لها حراسها. تدور أمور الحديقة وشؤونها على نظام خاص بها لتعود إلى مديرها، فيفتي في الفتاوي الكبيرة

في الحديقة تشرق الشمس وتغيب كعادتها، حيواناتها ليست كالحيوانات. الكلاب لم تعد تنبح، بدلت النباح بالزئير وزادت في العضّ. القطط لم تعد تموء. و الديكة لم تعد تصيح، بدلت صياحها بشيء يشبه البارود. الحيّة دسّت سمّها، التحفت الحائك، تخرج.. تدعو الناس للتظاهر.. تشارك في المهرجانات الموسيقية

وكلما تساءل سائل عن أمور الحديقة، أجاب الناطق باسمها:هي الحديقة العجيبة؛ أهلها يعيشون حريتهم وعليهم أن يبقوا على نظام الحديقة. تزور الحديقة دابة تركبها هيئة سبع استبدل الزئير بالنباح. يتقاسم تدبير شؤون الحديقة الكبرى مع دبّ أبيض ينهق كجحش يتجول في جزء من الحديقة على دابته،عصا الأول في الأرض وأخرى على سطح القمر كما للثاني بالتمام، يعرض القمر في كفّ يده. هو سّرالجني ّالذي يحكم به والقوة التي ترهب في البطش. لا يهادن. يد على باروده ينشر الفزع في كل أرجاء الحديقة

يد مدرعة بالقشّ انتشلت حسن من الحديقة العجيبة وأحلامها. أعادته إلى خلية النحل مفزوعا. حالة الغفو، ينتظرها مشاغبو الكُتَاب. ينزعون القشّ من الحصير. يصوبونه في الأذان يفزعون به النائم، حينها يصيح التلميذ مرتعبا، ينفزع الفقيه من غفوته. ثم يتصنع الغفوة وبغضب مكتوم، يراقب في صمت الأيدي الطائشة ليستدرجها. وحين يدرك موطن الشغب. يرمي العصا في عنق المشاغب ثم يجره بقوة حتى لايفرّ خارج الكتاب. حينها تكون شروط "التحميلة "قد استوفيت. يقوم لها أربعة تلاميذ من كبار الكتّاب يحملون المشاغب لتنهال عصا الغضب على الأرجل بغير حساب

ذاق حسن من فلقة التحميلة مرات كثيرة، أدمت رجليه. وكان يكتمها عن أبيه حتى لاينال عقابا آخر في المنزل

حياته من فلقة إلى فلقة، توالى الخوف والخوف على حسن، أصبح منجما للخوف. تختلف الأيدي، تتطوروسائل الفلقة وحسن لايزال يخاف الفلقة المرتبطة بمصلحة تجديد الأوراق. لكن هذه يكشفها لوالديه. وفلقتها لاتضرب بالعصا ولا هي كالتحميلة، لكن هي فلقة أشّد عتوّا على نفسه
في مصلحة الأوراق: فلقتهم تضرب بالقلم. كما كان يقول عباس

مصطفى شعبان
 كاتب مغربي مقيم في باريس