17/01/2011

عن الساخر الخجول

© Yamal
 أحمد بلكَاسم ¤ راس الماء ¤ 15.01.2011

تحيّةً إلى أبناء مدينتنا الذين يصرّون على الحضور الإبداعي، و لا يرتكزون في ذلك إلاّ إلى مواهبهم و جيوبهم؛ هؤلاء الذين إذا تفحّص المتفحّص أعمالهم أنبأته عن جيل السبعينيّات و ما بعدها، و عمّا عاناه اجتماعياً، و ثقافياً، و عن تصوّراته الثقافية و تمثّلاته الاجتماعية . و من صانعي الجمال أولئك : أحمد بلكَاسم ، الذي نحتفي به اليوم، و بمجموعته القصصيّة الأولى، التي اصطفى لها لعنة باخوس عنوانا. هذه الأضمومة السردية المتفرّدة رؤيةً و بناءً، يذكّرني نسقها التعبيري، و شكلها الحكائي، و أجواؤها الطريفة بالأديب عزيز نيسين التركيّ الشهير، و بأحمد فارس الشدياق صاحب الساق على الساق
 نصوص مستمدّة من معين الحياة الذي لا ينضب، أسلوبها ساخر ساحر، مبدعها كالكتاب يؤنس و لا يملّ ، إلى السخرية لا إلى الهزل ميّال . و الومضات التاليات، المقتبسات من رسائل بعثها إلى أحد الخلاّن، على ذلك خير دليل . متحسّراً على ريعان الشباب قال

آه، يا عزيزي ! لقد مضت تلك الأيام مسرعةً كابتسامة الأطفال البريئة، و ربّما كانت أشبه بتلك الدجاجة التي اشتريناها، أيام زيارتنا لتازة الغرّاء، فأضحت كالصريم؛ و إنّك تذكر أوطيل الحمام الشعبي، و نحن نصارع البقّ في ليل بطيء الكواكب، و إذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب، هذه العبارة كنّا نردّدها تنبيهاً لمن تسوّل له نفسه النيل من البويرسة التي كنّا نحتفظ بشيء منها معنا

و مخبراً عن نتائج ما يعزّ فيه المرء أو يهان، يراعه بما يلي سال

هيه يا خنّاس ! ماذا عساه يكون فعل بك الوسواس، و قد ظهرت نتائج الامتحانات، و أذهلت عقول الطلبة و الناس، و لم يفرح بها سوى الأواكس ! لعلك على علم بنتائج شعبة التاريخ و الجغرافيا المثيرة للدهشة و الاستغراب . و قس على ذلك نتائج شعبة اللغة الإنجليزية و ... فكيف إذن تريد أن تكون نتائج شعبتك، التي أنت حامل لوائها، يا فارس زمانه، يا من استفاد من فلسفة شاعره المعرّي الموغلة في الزهد و التقشّف و البساطة و التعفّف ؟ ... أجل، أجب يا رائد البنيوية و محطّم أسطورة الأساطير تاريخ الفكر و المنطق و السيميائيات، يا آكل التراث أكلا لمّا، و محبّاً للراحة حبّاً جمّا ؟

غير أنّ ساخرنا إذ جدّ الجدّ قال

و أمّا بالنسبة لموضوع بحثي، إذا كنت تتذكّر، فيتناول قضية الموت من خلال قصيدة الرثاء في العصر الأموي : الخوارج و الشيعة نموذجاً، و المدخل عالجت فيه القضية قضية الموت في شعر مرحلة ما قبل الإسلام . و الفصل الأول تطرّقت فيه للقضية في عصر بني أميّة، و بالخصوص عند الخوارج و الشيعة . و أمّا الفصل الثاني و الأخير ففيه دراسة فنيّة لقصيدة الرثاء عند كلتا الفرقتين، و قراءة في قصيدة الرثاء الذاتي : مالك بن الريب نموذجاً ... الموضوع يبدو لي واضحاً سهلاً، و لكن مّا نعرف للويل ! على أيّة حال فأنا مقتنعُ تمام الاقتناع

و كفى بهذه المقتطفات من رسائل القرن الماضي، التي شتّان بينها و بين إيميلات الراهن، كفى بها مؤشّراتٍ دالاّتٍ على نزعة السخرية لدى أديبنا الموهوب . و إنّ الأدب  كما قال ماريو باركَاس يوسا ، هو أفضل ما تمّ اختراعه للوقاية من التعاسة . و إذا كنت لا أملك من الجِمال ما أهديه لصديقي أحمد فإنّي أهديه، من بكائية مالك بن الريب، بيتين لا يخفى على الأريب مغزاهما

تذكّرت من يبكي عليّ فلم أجدْ ¤ سوى السيف و الرمح الردينيّ باكيا
و أشقر خنذيذٍ يجرّ عنانــهُ  ¤       إلى الماء لم يترك له الدهر ساقيا
...
أكتفي بهذه الإضاءات الخارجنصيّة، مختتماً كلمتي التقديمية

فهنيئاً، أيها المبدع المقتدر
و دمت للأقارب و الأصدقاء و الإبداع

جمال الخلاّدي ©
 
بركان : 14.11.2010





2 commentaires:

  1. تحية طيبة طيبوبة نفسك جميلة جمال أسلوبك عطرة عطر بستانك الشرقي الأصيل
    شكرا على الكلمة الجميلة والتي لا تخلو منإبداع ومؤانسة

    مودتي
    أحمد بلكاسم

    RépondreSupprimer
  2. في انتظار مجموعتك القصصية الثانية، تقبّل تحياتي الأخويّة، و دمت للإبداع

    RépondreSupprimer