قصة قصيرة للأطفال
كان حسام ورفاقه ينتظرون مجيء المهرج بفارغ صبر، بعدما أُعلن عن زيارته إلى البلدة داخل المدارس وفي واجهات المقاهي، وأمام المخابز، وفي الحافلات
وصل المهرج إلى قاعة دار الشباب التي تشقق جدرانها، وكاد يسقط سقفها.. حيث كان حسام وأصدقاؤه ينتظرونه وكأنهم ينتظرون حدثا عظيما، لأنهم لم يسبق لهم أن رأوا مهرجا رؤية العين، وإنما كانوا يسمعون عنه في التلفاز أو عبر المذياع فقط
وقبل أن يحين موعد العرض، تسابق الأطفال لاحتلال الصفوف الأولى محدثين غبارا كثيرا وراءهم.. وحين وصل وقت العرض صعد المهرج إلى وسط الخشبة بسرواله العريض، وأنفه الأحمر الكبير، ووجهه الأبيض، وحذائه الطويل، ولباسه الفضفاض المخطط، وقال للأطفال الجالسين في القاعة
ـ صباح الخير يا أطفال
لم يرد عليه أحد.
ـ مساء الخير يا أطفال..
لم يرد عليه أحد.
ماذا تريدون أن أقدم لكم أيها الأطفال الأعزاء..؟؟
سكت الأطفال ولم يجيبوا.
ـ هل أحكي لكم قصة جحا مع حماره..؟
ساد الصمت.
ـ هل أحكي لكم قصة الغولة وامقيدش..؟
لم ينبس الأطفال ببنت شفة
تحرك المهرج وهو مُحرج فوق الخشبة.
قال بعد تردد:
ـ طيّب، هل تريدون أن أقلد لكم بعض الحيوانات الأليفة، أم الحيوانات المفترسة..؟؟
لم يجب الأطفال عن سؤال المهرج
قام وقلّد شخصية (شارلو)، وعَبَر الخشبة طولا وعرضا. ولكن الأطفال جلسوا صامتين وكأن على رؤوسهم الطير
وقف هنيهة.. وقلد القرد في نزقه وخفته وصياحه، ولكن الأطفال لم يتحركوا. وقلّد الأرنب، والأسد، والزرافة، والتنين، والتمساح، والهدهد، والقط، والديك.. ولكن القاعة خيّم عليها صمت رهيب
وقف يفكر.. ويفكر، ثم وضع على عينيه نظارة سوداء كبيرة، وعمامة فوق رأسه، ورفع قبضته في الهواء، وضربها على طاولة وهمية في هيستيريا، وهو يقلد حاكما عربيا ويخطب خطبته الشهيرة الأخيرة وقال بصوت مزلزل:
ـ دقت ساعة الزحف.. إلى الأمام .. إلى الهجوم.. لا رجوع.. شُدوا الجرذان.. سنفتش عنهم زنقة زنقة.. بيت بيت.. دشرة دشرة.. فانفجرت القاعة بالضحك
ولما انتهى العرض، خرج حسام ورفاقه مسرورين.. وهم يقلدون الحاكم العربي..
ـ دقت ساعة الزحف.. إلى الأمام.. زنكَة.. زنكَة..
معمّر بختاوي
معمّر بختاوي مع عبد الحفيظ مديوني
© Yamal
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire