24/02/2013

مرسوم زهرة


في ليلة ليلاء،
سمعت 'زهرة' بثوبها الثلاجي، جكجكة الحديد، وقعقعة السلاح، وطقطقة الحجارة، وقضقضة العظام، ودوي الطائرات، وزفير النار، فحملت المذبر، وسكبت على المدرجة هاته العبارات:
" سيدي زنبق الإيساتيك،
أخط لك هذا المرسوم من أرض دهساء،
تسقى تربتها بدماء دعاميص الجنة،
وأبناء الدهاليز،
وصبيان الكتاتيب...
وتحرق خيراتها بخيانة الأعمام والأخوال...
وتدشن بجدلية هج المنازل،
وهدم الصروح،
ونسف البروج،
ودك القصور...
يا صاحب التاج،
بعد أن اشتعلت النار،
واحتدم الجمر،
تهاوش الأهل وهم يرددون:
"دمي دمك، وهدمي هدمك"...
فلبست الأخت السلاب بدل القفطان،
وشرب الأخ من التهم ما لم يشرب،
وسجلت الأم بدموعها مشاعر الألم في
مرثية الأوجاع،
وخفف الأب هاجس الموت بأشلائه
المتناثرة هنا وهناك.
أيها المتوج،
غابت الزهور التي خلقت للشم وسط
الرماد...
واغتربت أصوات البلبل
والعندليب
والكروان
في تخمة الجراح...
ونزحت الأسماك عن المياه جبرا،
ونطقت العجماء من شدة الوصب،
وتسوس الخبز،
وتأسن الماء،
فجذع الصبي،
وسل الشيخ،
ووهن الرجل،
ونحلت المرأة...
سيدي،
سخر الباخي من حالنا،
فازدرى المقاومة،
وزيف الحقيقة،
وتطاول على الحرية،
أما آن ...."
تواقعت الأنغام، وتغايرت الألحان في تلك الليلة، و اختضرت 'زهرة' قبل أن تختم لحن مرسومها الرنان، لقد فاضت نفسها بعد أن داستها أقدام العدو وهم في طريقهم إلى تخريب الأقطار.


وجدة 28-03-2006

فاطمة الزهراء بنبراهيم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire