شكراً جزيلاً للأستاذ الفاضل عبد المالك المومني
على رحابة صدره، وعلى وفائه للبستان الشرقي، وله منّا التحية والتقدير
1 حدّثنا، من فضلك، عن اهتماماتك الأدبيّة الأولى.
أولا،شكرا للبستان الشرقي الذي كان روضا مريعا لكل أدباء شرق المغرب.بل أدباء المغرب
كله..فيه تفتحت بعض القرائح وبه أينعت واشتد عودها وذاع صيتها..
عن
اهتماماتي الأدبية الأولى...الحقيقة أن الكتاب المدرسي المقرر في القراءة سواء كان
باللغة العربية أم الفرنسية في أواخر الخمسينات والستينات كان ممتعا ومشوقا. فكم نص أو
حكاية حفظناها ورددناها وأمتعتنا داخل الفصل الدراسي وخارجه كسلسلة بوكماخ التي
أمتعتنا نصوصها وحكاياتها كفرفر يعلق الجرس والثرثار ومحب الاختصار ... ونصوص
أخرى بالفرنسية كنصوص أحمد الصفريوي
ومولود فرعون .. إذن تفتحت شهيتي للقراءة مبكرا حتى إذا بلغنا السنتين الأخيرتين
للابتدائي بدأت أقرأالمنفلوطي في قصصه المعربة عن الفرنسية كالعبرات التي
أفاضت عبراتي ولما أزل طفلا .. في حين بدأت
مبكرا من قراءة القصص المصورة كنت أشتريها من مكتبة سلمى أو أجدها عند بعض أصهارنا
بأبركان .. مرحلة الإعدادي اكتشفت جبران من
خلال "الأجنحة المتكسرة" و"الأرواح المتمردة" و"النبي" .. أما
في الفرنسية فازداد نهمي للقصة والرواية
من خلال القصص المصورة وكتاب الجيب الذي أجزم أنني قرأت منه أكثر مما قرأت من قصص
وروايات عربية .. ولم تحل السنة الثالثة إعدادي حتى كنت أشارك في المسابقات الأدبية
بين المؤسسات التعليمية الثانوية .. وأذكر أنني حصلت على الجائزة الأولى للثانويات
عن مقالة عن عيد العرش سنة 1967. وهي المقالة التي خولت لي المشاركة لأول مرة في
مسابقة نظمتها بلدية وجدة وكنت بجانب الأستاذ حسن الأمراني الذي شارك هو بنص شعري
إلى جانب ثلة من شباب وجدة صاروا فيما بعد أدباء
مرموقين ... أذكر أيضا أن حبي للقراءة باللغتين جعلتني أحرز على جوائز داخل
الفصل الدراسي طيلة مستوى الإعدادي .. وكانت هذه الجوائز عبارة عن قصص ورحلات ... وكتب
نقدية وهكذا قرأت حديث الأربعاء لطه حسين وذهب مع الريح ورحلة ابن بطوطة وأنا لم
ألج بعد المرحلة الثانوية التأهيلية كما تسمى الآن ... كثرة قراءاتي حفزتني
للكتابة .. وهكذا قرأت أول نص شعري لي
باللغة الفرنسية في صف الفرنسية في السنة الثانية أوالثالثة إعدادي .. وبعثت
لبرنامج كان يقدمه الأستاذ الروائي مبارك ربيع في الإذاعة الوطنية قصة قصيرة قرأ
الأستاذ مقاطع منها باعتبارها قصة ناجحة ... وكانت أولى محاولاتي الروائية بالثانوي..
وزعت هذه المحاولة على بعض أصدقائي في الصف .. الذين شجعوني فأعطيتها إلى الأستاذ
بنعمارة رحمه الله والأستاذ عبد الكريم الموجاوي.......لكن أمورا.. حالت دون النشر
إلى أن جاءت التسعينات .. فنشرت نصي الروائي: الجناح الهيمان بنبع ركَادة الوسنان..ثم
أعدت تحيين بعض قصصي القصيرة القديمة ونشرتها ببعض الصحف الوطنية وملاحقها
الثقافية...
2 الجناح الهيمان بعين ركَادة الوسنان ما دواعي اختيار هذه الصياغة عنواناً لأول عمل إبداعي أصدرته سنة 1996؟
كان لتخصصي في الأدب القديم
يد في ذلك .. كانت معلقة امرئ القيس حاضرة إلى جانب بيان الجاحظ وحتى قصيدة مطر
مطر لبدر شاكر السياب .. لكن صورة اللقلاق
الذي سكن سروة ببستان شقرون لعقود جوار عيننا الوسنى الركَادة، ثم أطيح به فتعرض
للتشرد بداية السبعينات،.كانت الفاعل الأكثر تأثيرا في الفكر والوجدان.
3 بعد مرور عدّة سنوات على إصدارك الأول، بالضبط في سنة 2011 أقدمت على إصدار ديوانك الزجلي ريحة لبلاد خضرا ... لمَ الانتقال إلى كتابة نصوص شعرية بالعامية؟
سئلت أكثر من مرة هذا السؤال.. أنا لا أعتبر نفسي
روائيا أو شاعرا زجالا .. أنا أديب أو متأدب إن شئت ... اكتب ما يعن لي ويحلو.. أنا
مطيع للحظة الكتابة أيا كان جنس هذه الكتابة ... وسأبقى وفيا لهذا المنزع الوجداني
والفكري .. لا أطمح لشيء سوى أن أكون صادقا مع نفسي.
4 أنجزت رسالة دكتوراة الدولة حول روميات أبي فراس الحمداني ... لمَ اخترت هذا الشاعر دون غيره؟ وما واقع درس الأدب العربي القديم في الجامعة المغربية؟
- اخترت للدكتوراه روميات أبي فراس تتميما لمشروعي الأكاديمي عن
شعر السجون الذي أنجزت فيه رسالة الديبلوم الدراسات العليا .. واخترت شعر السجن
والحبس قديما لأنه شعر وجداني صادق وشعر إنساني رفيع ... وهو غير شعر المديح والفخر
الذي غلب على الشعر العربي، وأكثر ما جاء فيهما تكسب ونرجسية وإن تغنيا بالقيم
العليا للإنسان العربي ...
أتحدّث عن جامعة ابن طفيل فأقول إن بعض أصوات نشاز
نطقت بعدم جدوى درس الأدب الجاهلي.. وقد خضت أنا وزميلة لي حربا صامتة كي يبقى
الأدب القديم بكلية الآداب بالقنيطرة .. تصوروا طالبا بعد زمن يجاز فلا يعرف شيئا عن امرئ القيس وطرفة
وزهير..ولا يعرف شيئا عن المتنبي وقبله البحتري وأبي تمام ناهيك عن شعراء الغزل
والنقائض والشعراء الصعاليك في مختلف العصور .. هل يتصور أحد من الغربيين
ألا يدرس ارسطو ولا هوميروس ولا فرجيل
ولا.. ولا..؟
5 لو كلّفت بالإشراف على تهيئة فضاء ملهمتك : عين الركَادة، فماذا تفعل؟
سبق لي أن اقترحت على المسؤولين البلديين بالركادة
وبواسطة مدونتك حاسي ميللي ومدونة الحصاد للأستاذ عبد الكريم الموجاوي أن يكون
فضاء العين وما حولها منتزها وعرضت أيضا أن تهئ إحدى قريباتي، وهي مهندسة معمارية
تتمتع بحس فني رفيع .. تصميما في هذا الصدد..وقد اقترحت أنت شيئا جميلا ... وقد علمت
مؤخرا، بل رأيت شريطا حيا لبعض الأشغال
بدأتها بلدية الركَادة .. نحن نصفق لكل ما يجعل الركادة لا تفقد ألقها البيئي
والتاريخي .. لا تنس أن قصبة تاريخية كانت هناك هدمها المعمر مورلو .. ومازالت آثارها
باقية.
6 حضرت بعض الأنشطة الثقافية في مدينة بركان، فما انطباعاتك عنها؟
أبركان تنهض ثقافيا وإبداعيا ... إن ما يصدر بها من
مؤلفات المبدعين والنقاد وفي المنطقة الشرقيةعموما، وما ينظم بها من لقاءات
للتعريف بالمبدعين وتوقيع كتاباتهم عموما يبشر بالخير الكثير .. لن أنسى مجلة ديهيا
التي أتمنى لها عمرا مديدا ..
أعدّ الحوار : ج. الخلاّدي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire