28/12/2009

آلــــــة هــــدم


أحمد بلقاسم
***
قصة قصيرة
***
كانوا ثلاثة أمام ناظري شابا وشابتين يقطعون الزقاق بثبات واطمئنان. الشاب جعل الشابتين عن يمينه، إحدى الشابتين كانت تمسك هاتفا محمولا كأنها تنظر إلى شاشته تكتب أو تقرأ رسالة. الشاب يمد يده نحو الهاتف المحمول كأنه يريد أن يجتثه من يد الشابة، الثلاثة اختفوا في حلق الزقاق، ثوان معدودات بل خطوات محسوبات، ظهر الشاب من جديد رافعا بيده اليمنى الهاتف المجتث وإحدى الشابتين في أثره تجري جري الأنثى وهي تصرخ صراخ المفجوع: بورطابلي ـ بو..ر..طـ ـــ ابــ ـ ـلي. اختفيا من جديد عن ناظري في زقاق آخر كلسان سليط ما كدت أطوي صفحتها حتى ظهرت ثالثهما تجري جري الأنثى الحبلى وهي تلهث لكنها سرعان ما توقفت وأحنت رأسها تنظر إلى الأرض لتلتقط أنفاسها. ظننتها تبكي لحال رفيقتها فإذا هي تضحك وترد على عابر زقاق، ما كنعرفوهش والله العظيم ما كنعرفوه وهي تضحك ساهمة في وجه عابر الزقاق الذي بدوره رشقها بسهمين من سهام إبليس وطفق هو الآخر يضحك ساهما في وجهها.. وحبل الصراخ المتقطع بوـ رـ ط ـــاـ بـ ـلي.. بوـ رـ طــ ـا بـ ـلي بورـ طـ ـ ـا بـلي ما فتئ صداه يتردد متلاشيا في الزقاق الممتد كلسان طويل.
.. وأنا أتدحرج من زقاق إلى آخر ذات المشهد كان يتكرر أمام ناظري إلى أن خلت يد الشاب آلة هدم إسرائيلية عملاقة وهي تدك منازل المطلوبين. قد يكون هذا الوصف مبالغا فيه وقد يسيء للضحية أيضا، ولكن ألم يكن الشاب معتديا أثيما؟ وإلا فلم فر هاربا خوفا من أنثى؟ وهي ألم تكن تستصرخ وتستغيث مثلها مثل غزة الجريمة؟ أو القدس الذبيحة؟ أو حتى مثل الضفة المستباحة؟! واه قدســـــــاه، وا قــ ـد..ســ ـ ـا..ه، وا ـ عـروـ ـ بــتــ ـ ـاه، وا عرـ ـ وـ ـبــ ـ ــتــاه ه

بركان : مارس 2009


08 06 2009

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire