28/12/2009

درس في التربية التشكيلية

الفرحة تقتلعهم من مقاعدهم، فرحة عبروا عنها بخفتهم في إخراج كراسات الرسم والأقلام الملونة:
- ماذا نفعل يا أطفال؟ نرسم رسما حرا أم نوحد العمل؟
غص القسم بالضجيج، ضجيج الفرح والمرح.
رسم حر..لا عمل موحد.. رسم..عمل.. شـ شـ شـ ت، سكوت، انتبهوا، شـ شـ شـ ت
- حتى لا نظلم أحدا، ارفعوا أصابعكم يا من تريدون رسما حرا، طيب، 1-2-3-،...17 والآن أصحاب العمل الموحد، ارفعوا أصابعكم، 1-2-3-...15 إذن الذين يرغبون العمل الموحد هم 15.
- لا يا أستاذ بل عددهم 14.
- كيف ذلك يا عمر؟
- لأن سعيدا رفع أصبعين.
- إذن وكما علمتنا السيدة الديمقراطية الحكم والغلبة للأغلبية .. اتفقنا؟
- نااااعم يا أستاذ
- (نعم) بدون ألف مفهوم؟ لست أدري من أين أتيتم بهذه الألف الممدودة مثل أعناقكم. موضوع درسنا هو رسم الأسد، تعرفون الأسد؟
- نااااعم
بدأوا يخربشون ويمحون، ينجرون ويكسرون الأقلام، يلونون والفرحة دائما تقتلعهم من مقاعدهم كأنهم عصافير فرت توا من أقفاصها. جذوعهم منحنية على الكراسات عيونهم مثبتة على الصفحة البيضاء وشفاههم تكاد تقبلها، فرح ومرح ونشاط مبالغ فيه عكس الحصص الأخرى حصص التراكيب، الصرف والتحويل والإملاء حيث رتابة الكآبة ترخي بظلالها على معظم الوجوه.
- أنهيت عملي يا أستاذ، حتى أنا وأنا أيضا
- طيب هاتي كراستك يا بشرى، جميل لوني الجسد باللون الأصفر وليس باللون الأخضر.
- حاضر أستاذ
- ناولني كراستك يا سعيد، ما هاتان الدائرتان وهذه النصف دائرة؟
- رأس الأسد وعيناه وفمه وهو يضحك
- الأسد يضحك؟
-... يبدو لي
- أرني يا جمال ما رسمت.. ما هذا؟
- الأسد
- وأين العينان؟
- إنه نائم
ابتسامة كخيط الشمس فر من بين يدي غمامة توشح ثغر الشبل ثم ينصرف مزهوا وهو يتنطع
- تعال يا مراد لنرى ماذا أبدعت أناملك، لماذا لونت العينين باللون الأحمر؟
- إن الأسد غضبان
- ولم هو غضبان؟
- لأنه جائع.. وميض بسمة خاطف مرق كالسهم من الفم الصغير، أصاب عيني ... توالى عرض اللوحات مشفوعة بالتعليقات والوشوشات المرحة تملأ الفصل
- بشرى شحال ديتي؟
- سبعة
- وانت؟
- ثمانية
- كريم شحال؟
- عشرة، مبرزا أصابع يديه العشرة
- قًل والله!؟
أخيرا وقف أحمد خجلا فتح كراسته، نظرت إلى إبداعه، رفعت عيني إليه متسائلا
- ما هذه الدائرة يتوسطها قرصان وخط مستقيم يربطهما بمستطيل يقف على مستقيمين متوازيين؟
- الأسد سي الأسد.
الخدان صبغا بالأحمر- أقصد خدي أحمد لا خدي الأسد- حتى الأذنان احمرتا كادتا تنزفان
- قل لي هل شاهدت الأسد يوما ما؟
- سي نعم<< وقد أطرق عينيه ينظر إلى ما رسم>>
- أين رأيته؟ في الحديقة أم في شريط وثائقي؟
- سي، شاهدته وهو يركب سيارة كبيرة وجميلة ويرتدي ثيابا أنيقة
- هل كان في قفص؟
- لا بل كان يمشي على رجليه ويحيي الناس ملوحا بيده ويبتسم صاعدا سلم طائرة.
- طائرة!؟
سي نعم، طائرة بها خطوط حمراء وسوداء كتب على جانبها الجمهورية العربية السورية.


 
بركان 24-03-2009
أحمد بلقاسم
مسرحية قصيرة جدا


06 05 2009

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire