28/12/2009

الطفل الحلزون



قال الطفل لأمه : ماما أريد أن أكون حلزوناً٠
ارتسمت الدهشة على محيّا الأم و قالت مستنكرة : ماذا دهاك هذا الصباح؟ أ لم تنم جيّداً؟
ـ بلى يا ماما، لقد نمت جيّداً و رأيت أحلاماً جميلة
شاءت الأم أن تسايره فقالت : لماذا تريد أن تكون حلزوناً يا ولدي؟
أجاب و حلم أخضر يملأ عينيه : لأعيش في الغابة و ألعب و ألهو و حين أتعب أستريح في داري التي أحملها على ظهري٠
قالت الأم : أ لا يعجبك أن تلعب بما اشتريناه لك من لعب أو لا يروقك أن تلعب مع أقرانك قرب المنزل؟
ردّ الطفل : لا يا ماما، لقد صارت هذه اللعب تثير في نفسي الملل، و صار إسفلت الشارع يقرفني، أريد أن ألعب في الغابة٠
قالت الأم و ابتسامة تغالبها : أ لم تقرأ يا ولدي قصة فاطمة التي أرادت أن تكون قطّة؟
ـ بلى، و لكن فاطمة أخطأت لأنها أنفت أن تأكل الطعام تحت الطاولة٠
سألته الأم و قد راقها الحديث : هل فكّرت في الدار التي ستحملها على ظهرك؟
ـ نعم يا ماما، سأصنعها من الكرتون و أطويها ثمّ أحملها على ظهري و أذهب إلى الغابة
٠ قالت الأم : و لكن الحلزون يزحف و أنت تمشي على رجليك٠
ـ لا يهمّ، سأكون الحلزون الذي لا يزحف٠
ـ أ لا يحزنك أن تتركنا و تذهب وحدك إلى الغابة حلزوناً يحمل كرتونة على ظهره؟
ـ و لكنّي أريد أن تكونا مثلي حلزونين كبيرين نعيش جميعنا في الغابة٠
ـ أ لا تخشى يا ولدي أن تدوسك الأقدام إذا صرت حلزوناً، أو تجد نفسك نفسك في إحدى القدور التي تغلي؟


أعيت الأمّ حجج طفلها، فطلبت منه أن يكفّ عن التفكير في هذا المشروع الغريب٠ عندئذ انزوى الطفل في مكان قصيّ من الدار٠ أخذ ورقة بيضاء و أقلاماً ملونة، ثمّ رسم غابةً عذراء لم تطأها أبداً قدم بشرية٠ و دون أن يشعر به أحد تسلّل داخل الورقة بين أشجار الغابة الخالية من البشر

الجلالي عشي
عصا موسىقصص
صص: 69ـ71الطبعة الأولى 2009شركة مطابع الأنوار المغاربية وجدة
لوحة الغلاف : محمد العتروس


08 04 2009

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire